للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسلها إلى القاهرة، وكان مسعود الحركات، فلما مات نزل السلطان وصلى عليه وكانت جنازته مشهودة، وكان فى سعة من المال فخلّف من الموجود ما لا يحصى. - وفى يوم السبت رابعه عرض السلطان مماليك الأمير خاير بك المتوفى وأخذ منهم ما اختاره وأرسلهم إلى الطباق، ثم رستم على دوادار الأمير خاير بك وعلى مباشريه (١) وشكّهم فى الحديد، وكان الأمير خاير بك كتب وصيّة وبرّأ جماعته، فلم يلتفت السلطان إلى وصيّته. -[وفى أثناء هذا الشهر كانت وفاة الشيخ نور الدين على المحلّى رحمة الله عليه، وكان يعرف بقريبة، وكان من أعيان علماء الشافعية وله شهرة زائدة بين الناس] (٢).

ومن الحوادث فى ذلك اليوم ما وقع لعلم الدين جلبى السلطان وهو أنه كان ساكنا فى الحسينية، وكان السلطان رسم للوالى بأن يباشر قطع أراضى الأسواق بنفسه، فلما انتهوا فى القطع إلى الحسينية جاءوا مماليك الوالى إلى الحسينية وأخذوا حميرا من حمام الحبّالين [الذى هناك حتى يشيلوا عليها التراب الذى يقطعونه] (٣)، فمنعوهم من ذلك جماعة علم الدين لأن الحسينية كانت فى حمايته، فاتقع جماعة علم الدين مع مماليك الوالى، فجاء عبد علم الدين وقال لأستاذه عن ذلك، وكان علم الدين فى الحمام، فقال علم الدين: اضربوا مماليك الوالى، فاتّكّوا فيهم وضربوهم ضربا مبرحا حتى فجّوا بعضهم وكسّروا أيدى بعضهم. فلما سمع الوالى بذلك ركب وأتى إلى علم الدين، فأغلظ عليه علم الدين فى القول وربما سفه على الوالى، فقبض الوالى على عبد علم الدين الذى ضرب مماليك الوالى فوضعه فى الحديد، ثم طلع الوالى إلى السلطان وأحضر مماليكه الذين (٤) ضربوا بين يدى السلطان، فلما عاين السلطان ذلك شق عليه ما فعله علم الدين فى حق الوالى، فلما طلع علم الدين إلى عند السلطان وظن أن السلطان يقوم فى ناصره، فلما عاين السلطان علم الدين رسم لنقيب الجيش بأن يقبض على علم الدين ويمضى به إلى الوالى يوسّطه وصمّم السلطان على توسيطه، فقبض نقيب الجيش على


(١) مباشريه: مباشرينه.
(٢) وفى أثناء … بين الناس: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.
(٣) الذى هناك … يقطعونه: التى هناك … يقطعوه.
(٤) الذين: الذى.