للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم الدين وأقلعه سلاريّه من عليه وفكّك أزرار ملوطته وأركبه على بغلة ومضى به إلى عند الوالى ليوسّطه، فاستدرك الوالى فارطه فى هذه الواقعة وركب فى أثناء ذلك اليوم وأتى إلى أمير كبير سودون العجمى وترامى عليه بسبب علم الدين الجلبى بأن يطلع يشفع فيه عند السلطان من التوسيط، فطلع أمير كبير وشفع فيه فقبلت شفاعته. ثم إن الوالى ألبس علم الدين كامليّة صوف بسمور (١) وطلع إلى السلطان ليبوس الأرض فنتر فيه السلطان لما رآه وقال له: الزم بيتك ولا ترنى وجهك أبدا، فقيل إن علم الدين خدم السلطان بمال له صورة حتى رضى عليه وخدم الوالى أيضا بمال لكنه استمرّ ممنوعا من الطلوع إلى القلعة من بعد ذلك. وقد تزايد هذا الأمر الفشروى حتى خرج عن الحدّ، وكان علم الدين لما قرّبه السلطان طاش وكان فى خدمة السلطان من حين كان أمير عشرة، وكان علم الدين عنده بشمقدارا وهو صبى أمرد، فلما تسلطن السلطان صار علم الدين عنده من المقرّبين، وصار يلبس سلارى بصمور بكمّ قصير مثل الأمراء العشرات، ويشقّ القاهرة والركبدار يمشى فى شقّته يفسح له الطريق وخلفه بشمقدار وعلى كتفه فوطة حرير وهو راكب على بغلة عالية، فكانت المماليك كلما رأوه [يلعنونه فى الباطن وربما يوعدونه] (٢) بالقتل فإن أصله كان من أبناء الساسة الذين بالحسينية، وأمّه كانت ضائعة وعنده كثافة (٣) فى طبعه وقلّة فضيلة، فكان كما قيل:

نقصت عقلا وفهما … وزدت لحما وشحما

ورثت طالوت جسما … ولم ترث منه علما

وفى يوم الاثنين سادس صفر جلس السلطان بالميدان وعرض من العسكر فى ذلك اليوم أربع طباق. - ومن الحوادث اللطيفة فى ذلك اليوم أن السلطان أمر بإبطال المشاهرة والمجامعة التى (٤) كانت على الحسبة، وأشهر المناداة فى مصر والقاهرة بذلك وأن مكس البحرين الذى كان يؤخذ على الغلال بطّال، فارتفعت له الأصوات بالدعاء


(١) بسمور: بصمور.
(٢) يلعنونه … يوعدونه: يلعنوه … يوعدوه.
(٣) كثافة: كتافه.
(٤) التى: الذى.