للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يطلع، فقال له: اطلع واخطب على بركة الله تعالى، فطلع فى ذلك اليوم وخطب بالسلطان فترشح أمره بأن يلى القضاء، وكان ذلك من الأمور الربانية والسرّ المكنون، وقيل فى أمثال الصادح والباغم فى المعنى:

الرزق بالحظ وبالتقدير … وليس بالسعى ولا التدبير

ومنه:

تنال بالرفق وبالتأنى … ما لم تنل بالحرص والتعنّى

وفى يوم الثلاثاء سادسه رسم السلطان بتوسيط مملوك من مماليكه وقد قتل قتيلا، فلما عرضوه على السلطان أراد ضربه بين يديه فتعترس قدّام السلطان فحنق منه فرسم بتوسيطه، فوسّطوه فى الرملة. - وفى يوم الأربعاء سابعه كانت كاينة نور الدين المشالى والامرأة، وذلك أن السلطان رسم بشنقهما، فأمر يحيى بن نكار بأن يتوجّه إلى دار الشيخ برهان الدين بن أبى شريف وينصب على بابه مشنقة، وكان ساكنا فى بيت أبى البقا بن الجيعان فى حارة أولاد الجيعان، وكان السلطان تقصّد ذلك عمدا بسبب المقت فى حقّ ابن أبى شريف لكونه أفتى بأمر الرجوع فاشتدّ غضب السلطان عليه بسبب ذلك، وأشيع بنفيه إلى القدس بطّالا، فلما توجّه يحيى بن نكار دوادار الوالى إلى بيت ابن أبى شريف ونصب المشنقة على بابه فظنّوا عياله أن الشيخ هو الذى يشنق فقاموا بالصراخ واللطم والبكاء، ثم أسفرت القضية على شنق نور الدين المشالى والامرأة، فنصبوا لهما مشنقة على باب ابن أبى شريف وأحضروا نور الدين المشالى من المقشرة وأحضروا الامرأة من الحجرة وشنقوهما على باب ابن أبى شريف، ورسم السلطان بأن يشنقا فى حبل واحد ويجعلوا وجه الرجل فى وجه الامرأة فصلبت الامرأة وهى بإزارها وعليها أثوابها مسبولة، فلما شنقوا جاءوا الناس أفواجا أفواجا يتفرّجون عليهما من كلّ فجّ عميق، وقد قلت فى هذه الواقعة:

لقد صلب السلطان من كان زانيا … وأظهر فى أحكامه مسلكا صعبا

فقلت لأرباب الفسوق تأدّبوا … فحدّ الزنا قد صار فى عصرنا صلبا