تحت الردم. - وفيه كثر الكلام بسبب عزل القضاة، فنزل السلطان إلى الميدان، فلما جلس به قام الأتابكى سودون العجمى والأمير أركماس أمير مجلس والأمير طوماى باى الدوادار وغير ذلك من الأمراء المقدّمين والقاضى كاتب السرّ، فقاموا فى صعيد واحد وباسوا الأرض للسلطان ثم شفعوا فى القضاة الأربعة، فلما سمع السلطان ذلك حنق على الأمراء وحلف بحياة رأسه أنه ما يعيد أحدا من القضاة إلى وظيفته وصمّم على ذلك، وقد قلت فى هذه الواقعة:
سلطاننا عزل القضاة لحادث … قد شاع فى مصر وعمّ الأسمعه
مذ خالفوه وحاودوا عن أمره … نفذ القضا فيهم بعزل الأربعه
ولم يتفق قط أن القضاة الأربعة يعزلون كلهم فى يوم واحد إلا فى هذه الواقعة التى جرت فعدّ ذلك من الوقائع الغريبة. - ولما كان يوم الجمعة ثانيه أرسل السلطان يقول للقاضى كاتب السر: ابصر لنا من يخطب ويصلى بنا صلاة الجمعة، فذكر له الشيخ علاى الدين الإخيمى الشهير بالنقيب، وكان يخطب فى جامع الشيخ عبد القادر الدشطوطى، وكان علاّمة فى الخطب والقراءة فى المحراب، فلما ذكر للسلطان قال: أعرفه، وكان تقدّم للشيخ علاى الدين أنه خطب بالسلطان قبل ذلك عدة مرار فى أيام قاضى القضاة ابن أبى شريف وفى أيام قاضى القضاة ابن فرفور، وكان الشيخ علاى الدين له شهرة طائلة عند الأتراك، وكان علاّمة فى الرمى بالنشاب عارفا به وكان له اليد الطولى (١) فى ذلك، وكان عارفا باللغة التركية، وقد حوى كل فن من علوم شتّى وهو نادرة عصره، فأرسل القاضى كاتب السرّ خلف الشيخ علاى الدين فتوجه إليه الحاج على الأسمر البرددار، فقال له: القاضى يقول لك اطلع واخطب بالسلطان، وكان يومئذ علاّمة عصره فى أمر الخطبة، فقيل إن الشيخ علاى الدين لما أراد أن يطلع يخطب بالسلطان توجه إلى قاضى القضاة كمال الدين الطويل واستأذنه فى ذلك قبل أن