للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالزنكلونى وأولاده وهم على وجوههم راكبين على حمير والدم يسيل من أكعابهم. - وفى يوم الأربعاء سلخ الشهر أشيع بين الناس بأن الزنكلونى قد مات من شدّة الضرب، وأن أولاده فى حال العدم. - وفى ذلك اليوم نزل السلطان من القلعة وتوجّه إلى نحو قليوب، وظنّ أن الشهر قد هلّ فى ذلك اليوم فنزل حتى لا يقابل القضاة ولا ينظر إليهم، وقد كثرت الإشاعة بعزل القضاة الأربعة.

وفى ذى القعدة كان مستهل الشهر يوم الخميس، فطلع الخليفة وهنّأ فى ذلك اليوم، فلما قام الخليفة من عنده ركب السلطان ونزل إلى دار البقر حتى لا يجتمع على القضاة، وكانوا القضاة قد جلسوا فى الجامع فلم يجتمع عليهم السلطان ونزل سيّر، فلما بلغ القضاة ذلك نزلوا من القلعة بخفّى حنين. - ومن العجائب أن من يوم عقد المجلس المقدم ذكره وحصل ما حصل على القضاة بسبب الفتوى (١) فى أمر الرجوع، فصرّح السلطان فى ذلك اليوم بعزل القضاة الأربعة، فأقامت مصر شاغرة نحوا من خمسة أيام لم يعقد فيها عقد نكاح ولا وقع فيها أحكام شرعية، وأغلقت الشهود دكاكينهم (٢) قاطبة، وتعطلت أحوال مصر واضطربت فى تلك الأيام إلى الغاية، ورسم السلطان للوالى وقال له: كل من وجدته من الفقهاء وهو سكران فاقبض عليه وأنا ألبسك كاملة مخمل بصمور وأركبك فرس بكنبوش، وأشيع بين الناس أن السلطان قال: لا يدخل علىّ أحد من المباشرين وهو لابس عمامة، من بغضه فى الفقهاء، فكانت القرّاء إذا دخل أحد منهم على السلطان فيلبس له زمط وعليه شدّ ملفوف، وأشيع أن الزينى بركات بن موسى لبس له تخفيفة ودخل على السلطان فضحك عليه، وكذلك القاضى علاى الدين ناظر الخاص لبس له تخفيفة ودخل على السلطان فقال له: بقيت مثل المماليك الجراكسة. - ومن الحوادث فى يوم مستهل هذا الشهر سقط ربع تجاه باب الوراقين على رأس عطفة الخراطين، فقتل تحت الردم شخص بيّاع جزر، فمات هو والحمار من وقته


(١) الفتوى: الفتواة.
(٢) دكاكينهم: دكاكنهم.