للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أربعين جرّة، وصواريخ كبار ثلاثمائة، ومأويات ألفا ومائتين، وشجرات عشرة، وتنانير (١) عشرين، وقطع ألفين، وشعل أربعين، فلما وصلوا بالنفط إلى شاطئ البحر أنزله فى خمسين مركبا، وصفّوا المراكب قبالة المقياس عند البهطلة، ورسم السلطان للأمراء المقدّمين بأن يحضروا طبلخاناتهم فى مراكب عند المقياس، ففعلوا ذلك، فكان حسّ الطبول والزمور مع الكوسات مثل صوت الرعد القاصف، فلما صلى السلطان صلاة العشاء جلس على سطح القصر الذى أنشأه على بسطة المقياس، والأمراء حوله، وأحرقوا قدّامه النفط، وكان النيل فى ثلاثة أصابع من عشرين ذراعا، وكانت ليلة البدر، فكانت تلك الليلة، فدقّت كوسات السلطان مع كوسات الأمراء المقدّمين، وهم أربعة وعشرون مقدّم ألف، فقاموا فى صعيد واحد عند إحراق النفط، فكانت تلك الليلة لم يسمع بمثلها فيما تقدم، ولم يقع لأحد من الملوك قبله مثل هذه الواقعة، ولا للمؤيّد شيخ ولا للناصر فرج ابن برقوق، وقد وقع للأمير جانى بيك نائب جدّة أمير دوادار كبير أنه لما أنشأ القبّة التى فى منشية المهرانى وكملت أوقد فيها تلك الليلة وقدة حافلة، وأحضر مراكب وعلّق فيها أحمالا بقناديل وركّز صوارى قدام القبّة وعلّق فيها قناديل فى حبال، وكانت له ليلة حافلة، وذلك فى آواخر سنة سبع وستين وثمانمائة وقد تقدم ذكر ذلك فى دولة الظاهر خشقدم، ولكن لم تعادل ليلة وقعت للأشرف الغورى فإنها كانت من الليالى المشهودة فى القصف والفرجة، وقد بلغ كرى كلّ مركب فى تلك الليلة خمسة دنانير وأكثر من ذلك، والمراكب التى هى مرسية على البرّ انشحنت بالخلايق، فأخذوا على كلّ رأس أربعة أنصاف فتحصّل من ذلك جملة مال للنواتية، وكان بطول الليل والى القاهرة يدور فى مركب وينادى للناس بالأمان والاطمان وأن لا أحد يشوّش على أحد ولا مملوك يعبث على امرأة، فانطلقت له النساء بالزغاريت من الطيقان وارتفعت الأصوات بالدعاء للسلطان، ولكن عبثت المماليك فى الطرقات على الناس


(١) وتنانير: وتنانيرة.