للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السواقى التى فى الهدّ، فنزل من هناك فى الغراب الذى عمّره، ثم انحدر إلى المقياس وطلع إلى القصر الذى أنشأه على بسطة المقياس، ثم إن السلطان عزم هناك على الأمراء قاطبة من المقدّمين والطبلخانات والعشرات وغالب العسكر، فنصب الأمراء لهم خياما على شاطئ البحر الذى تجاه (١) برّ الجيزة، فبات السلطان تلك الليلة فى المقياس هو والأمراء قاطبة، فمدّ له هناك القاضى كاتب السرّ محمود بن أجا أسمطة حافلة، وما أبقى فى ذلك ممكنا من أطعمة فاخرة وحلوى وفاكهة وسكر حريف وأقسماء وبطيخ صيفى وأجبان مقلى فى الطوارى، وعمّ ذلك على سائر الأمراء قاطبة، وممن كان صحبة السلطان من المباشرين وأرباب الدولة، فألبسه السلطان هناك كاملية مخمل أحمر بصمور من ملابيسه، وشكر له السلطان ما صنعه من ذلك، فكان مصروف (٢) تلك الأسمطة نحوا من سبعمائة دينار، وعزم السلطان هناك على القضاة الأربعة وأعيان الناس، واجتمع هناك قرّاء البلد قاطبة والوعّاظ، ثم إن السلطان أوقد فى قاعة المقياس وقدة حافلة باطنا وظاهرا، وعلّق (٣) أحمالا بقناديل فى القصر الذى أنشأه على شرفات المقياس، قناديل فى أحمال وأمشاط، حتى أوقد جامع المقياس والمئذنة، ثم إن سكّان برّ مصر وبرّ الروضة علّقوا فى بيوتهم القناديل فى الأحمال والأمشاط بطول البرّين، حتى أوقدوا المربع الذى أنشأه السلطان للسواقى تجاه (١) برّ الروضة، ثم أحضر السلطان المركب الكبير الغليون الذى عمّره وأصرف عليه نحوا من عشرين ألف دينار فأرسوا به قبالة المقياس، وصنعوا له ثمانية مراسى فى البحر، وعلّقوا فى صواريه القناديل فى الأمشاط، فكان الذى وقد فى المقياس تلك الليلة خمسة قناطير زيت وعشرة آلاف قنديل، ثم صنع السلطان فى تلك الليلة إحراقة فكان مصروفها نحوا من مائة وسبعين دينارا مثل إحراقة نفط المحمل التى كانت تصنع بالرملة قدّام القلعة، فشقّوا بالنفط من القاهرة وهو مزفوف وقدّامه الطبول والزمور، فكان عدّة قلاع النفط خمسين قلعة، والمواذن ستين مئذنة، وأزيار عشرة، وجرر


(١) تجاه: اتجاه.
(٢) مصروف: مصرف.
(٣) وعلق: وعلق وعلقوا.