للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزينى بركات محبّبا للناس فى أيّام ولايته على الحسبة، ولما قبض السلطان عليه رثوا له الناس، وكانت الأعداء شنّعت عليه أن السلطان يقصد شنقه مثل على بن أبى الجود، فنجّاه الله تعالى من ذلك، وقد هنّيته لما خلص بهذين البيتين وهما:

تاب إليك الدهر مما جنى … من فعله فى حكمه الجابر

فما نجا من شرّ كيد العدى … سوى الفتى المحتسب الصابر

وقيل إن السلطان قرّر عليه نحوا من ثلاثين ألف دينار، وقيل أربعين، يقوم بشئ من ذلك فى كل شهر على الجوامك. - ومن الوقائع الشنيعة أن الوالى قبض على شخص من الأتراك يقال له دمرداش، وكان مشدّا على دار البطيخ التى بباب النضر، وقد غمز عليه أنه ينبش على القبور ويأخذ رؤوس الموتى ولحمهم ويبيع ذلك للفرنج يعملون منه المومية، وقيل السمّ، فلما قبضوا عليه وجدوا عنده من عظام الموتى أشياء كثيرة من جماجم وأعضاء، فحملوا ذلك فى قفاف على حمير وطلعوا بها إلى السلطان حتى شاهد تلك العظام، فلما وقف دمرداش المذكور بين يدى السلطان، سأله عن أمر هذه الجماجم، فقال: هذه من قبور النواويس تأتينى به العربان فأصنع منهم المومية وأبيع ذلك فى بلاد الفرنج، ثم وجدوا على العظام لحما طريّا، وشهدوا عليه الناس أنه فى كل يوم يتوجّه إلى الصحراء وينبش قبور الموتى الجدد ويأخذ لحمهم وعظمهم يبيع ذلك على الفرنج، فلما تحقق السلطان ذلك أمر بشنقه، فسمّروه على جمل وأشهروه فى القاهرة حتى أتوا به إلى داره بالقرب من دار البطيخ فشنق هناك، وكان له يوم مشهود، وقد تقدم مثل هذه الواقعة بعينها فى دولة الأشرف برسباى، وذلك أن رجلا أعجميا كان بمصر ينصب على النساء والأطفال ويقتلهم وينزع لحمهم عن عظمهم، ويبيع اللحم على الفرنج كلّ قنطار بخمسة وعشرين دينارا، فلما غمز عليه قبض عليه السلطان وأشهره فى القاهرة وقطع يداه وعلّقها فى رقبته ثم وسّطه، وكان ذلك فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. - وفى يوم الأربعاء ثالث عشره نزل السلطان من القلعة وتوجه من بين الكيمان إلى أن وصل إلى