للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقرب من ساحل قلعة إياس، فتحارب معهم الأمير محمد بنفسه وقد فرّ عنه من كان معه من العسكر، فقتل، وقتل من كان معه من الجند، وأخذوا ما كان معه من المراكب المشحونة بالسلاح وآلة الحرب وكانت نحوا من ثمانية عشر مركبا، فلما بلغ السلطان ذلك تنكّد إلى الغاية وامتنع عن الأكل يومين، وقد تزايد شرّ الفرنج فى هذه السنة وكثر تعبّثهم بالناس فى البحر الرومى والبحر الهندى والأمر إلى الله تعالى، وقد ارتج الأمر على السلطان فى هذا الشهر من جهات عديدة واضطربت أحواله جدّا، فكان كما يقال فى المعنى:

لا تجزعنّ فبعد العسر تيسير … وكلّ شئ له وقت وتدبير

وللمهيمن فى أحوالنا نظر … وفوق تدبيرنا لله تدبير

وفى يوم الأربعاء ثالث عشره نزل السلطان إلى نحو تربة العادل التى بالريدانية وجرّبوا قدّامه تلك المكاحل التى سبكها كما تقدم، فلما أطلقوا فيهم البارود تفرقعوا أجمعين وبقى نحاسهم طاير مع الهوى ولم تصحّ منهم واحدة، وكانوا نحوا من خمس عشرة مكحلة، فتزايد نكد السلطان فى ذلك اليوم إلى الغاية ورجع إلى القلعة سريعا؛ وكان عوّل على أن يمدّ هناك أسمطة للأمراء وينشرح فى ذلك اليوم فلم يتمّ ذلك. - وفيه أرسل السلطان بالقبض على الرهبان الذين بالقيامة (١) التى بالقدس، وكذلك قبض على سائر الفرنج الذين بالإسكندرية ودمياط وغير ذلك من السواحل، وهذا بسبب الفرنج الذين قتلوا الأمير محمد وأخذوا مراكب السلطان. وفى يوم الاثنين ثامن عشره أخلع السلطان على جان بردى الغزالى، وأقرّه فى نيابة صفد على عادته وأضاف إليه نيابة الكرك أيضا، فخرج إليها من يومه وتوجّه نحوها، وأخلع على قانصوه روح لو أحد الأمراء المقدّمين ورسم له بأن يتوجّه إلى قطيا ويقيم بها دائما خوفا من الفرنج أن لا يهجمون على من بالطينة، وجعل قانصوه روح لو (٢) باشا على العسكر الذى بالقلعة التى أنشأها السلطان بالطينة، وأنعم عليه بخراج قطيا ما دام


(١) بالقيامة: بالقمامة.
(٢) روح لو: رحلوا، وكذلك فى سطر ٢٢.