للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك ركب وهجم على ذلك المماليك وقبض عليهم أجمعين، فلما عرضوا على السلطان ضرب المماليك ضربا مبرحا حتى أن كادوا يهلكون ورسم بسجنهم فى المقشرة، وكان عرضهم يوم الجامكيّة فرسم السلطان لكاتب المماليك أن يدفع جامكية المماليك إلى تلك النسوة فى نظير ما شوّشوا عليهن المماليك، فدفعوا لكل امرأة ألفى درهم، فعدّ ذلك من النوادر الغريبة. - وفى يوم الثلاثاء سلخه وقعت طبقة الحوش، فقتل تحت الردم خمسة من المماليك وتعطّبوا آخرون منهم، وكانت حادثة مهولة.

وفى جمادى الأولى فى ثانيه قرأ السلطان ختمة فى المقياس، ومدّ هناك أسمطة حافلة، وحضر القضاة وأعيان الناس، وسبب ذلك أن البحر سلسل فى الزيادة وقد مضى من مسرى ستة عشر يوما ولم يف، فلما توجّهوا القضاة (١) إلى هناك زاد النيل تلك الليلة ثمانية أصابع، ثم فى الليلة الثانية زاد خمسة عشر أصبعا، واستمرّت الزيادة عمّالة حتى أوفى فى العشرين من مسرى، وفتح السدّ فى الحادى والعشرين من مسرى الموافق لثامن جمادى الأولى (٢)، وقد تأخر الوفاء عن العام الماضى سبعة أيام، فلما أوفى توجّه الأتابكى قرقماس وفتح السدّ على العادة، وكان يوما مشهودا، وكان هذا آخر فتح الأتابكى قرقماس للسدّ وقد مات فى أواخر هذه السنة كما يأتى الكلام على ذلك فى موضعه. - وفى يوم الأحد ثانى عشره توفى قاضى القضاة بدر الدين محمد بن قاضى القضاة صلاح الدين أحمد ابن محمد بن بركوت المكينى، وكان عالما فاضلا رئيسا حشما تولى مشيخة الخشابية والشريفية، ثم سعى فى قضاية القضاة بثلاثة آلاف دينار فأقام بها شهرين وأربعة عشر يوما وسعى عليه محيى الدين بن النقيب فعزل، فلما عزل حصل له غاية القهر فاعتلّ ومات، فكان بين عزله وموته شهران واثنا عشر يوما فمات قهرا لا محالة، وكان له من العمر نحوا من ستين سنة، فجاءه القضاء الأكبر وفاته القضاء الأصغر، كما قيل:


(١) القضاة إلى: إلى القضاة.
(٢) جمادى الأولى: جماد الأول.