للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب نفقته، وكان كلما طلع إليه يلبسه سلارى بصمور من ملابسه قيمته مائتى دينار، ويركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش، وذلك غير ما يرسل إليه من الإنعامات وغير ذلك، وكان يقوم له كلما طلع إليه ويجلسه فوق أمير كبير معه على المرتبة، وقد بالغ فى إكرامه جدّا، وكذلك الأمراء المقدّمون أرسلوا إليه تقادم حافلة له ولجماعته، فما خرج من مصر إلا شاكرا ناشرا، كما يقال فى المعنى:

طوّقتنى نعما فها أنا ساجع … شكرا ولا عجب لسجع مطوّق

وفيه خرج الأتابكى قرقماس إلى السّرحة نحو الشرقية والغربية. - وفيه حضر أمير عربان الوجه القبلى عمر من أولاد ابن عمر أمير هوارة، فأقام فى الترسيم ببيت الأمير الدوادار الكبير، وقد قرّر عليه السلطان مالا له صورة. - وفيه غيّب المعلم خضر أحد معاملى (١) اللحم، وقد قرّر عليه السلطان مالا فما أقام به وفرّ خوفا (٢) من السلطان. - وفيه حضر إلى الأبواب الشريفة جان بردى الغزالى نائب صفد، وقد حضر بطلب من السلطان، فلما طلع إلى القلعة أخلع عليه السلطان وأقام بمصر أياما. - وفيه توفى الشرفى يحيى الرشيدى خطيب جامع الأزبكية، وكان من أهل الفضل ماهرا فى الخطب. - وفيه حضر إلى السلطان فيل من بلاد الزنج، وكان صغيرا قدر الجاموسة، عمره نحو من سنة، فلما طلع إلى السلطان رجّت له القاهرة، وكانت الأفيال قد انقطعت من مصر نحوا من أربعين سنة حتى نسى بين الناس هيئته فصاروا يعجبون منه، ثم بعد مدّة حضر فيل آخر وقد أشيع بين الناس وصوله عن قريب، وممّا وقع لابن المعتزّ فى تشبيه الفيل وأجاد بقوله:

كأنما الفيل الذى يبدو لعجبنا به … ليل قد افترس النهار فبان فى أنيابه

وفيه وقعت نادرة غريبة وهو أن ثلاثة من المماليك قد خطفوا نسوة من طريق المقس كانوا مع مودنات (٣) كعادة النساء فى الأعراس، فلما قبضوا عليهن خلصت منهنّ واحدة وتوجّهوا بالبقيّة إلى اسطبلاتهم، فلما بلغ الوالى


(١) معاملى: معاملين.
(٢) خوفا: خوفه.
(٣) مودنات: كذا فى الأصل.