للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قايتباى، ثم قرّره فى قضاية القضاة واستمرّ بها حتى مات، وكان موته فجأة فأخرجت جنازته ولم يشعر بها أحد من الناس بسبب تلك الفتن القائمة.

وتوفى به أيضا القاضى أبو الفتح محمد المنوفى كاتب المماليك ونائب جدّة، وكان من أعيان المباشرين، ورأى من العزّ والعظمة ما لا يوصف، وفى أواخر عمره قاسى شدائد ومحنا، واعتراه جنون وماخولية، واستمرّ على ذلك حتى مات. - وتوفى أيضا سيدى إبراهيم بن أبى الفضل بن أبى الوفا، وكان شابا صالحا لا بأس به. - وفيه جاءت الأخبار من دمشق بوفاة تمربغا الترجمان، وكان لا بأس به. - وتوفى شمس الدين محمد بن الخادم الحنفى وهو محمد بن أحمد بن أينال الحنفى، وكان من أهل العلم والفضل، وكان لا بأس به.

وفى هذا الشهر توقّف النيل عن الزيادة فى ليالى الوفاء، وكان كل أحد فى شاغل (١) عن ذلك، والفتن قائمة. - فلما كان يوم الاثنين ثانى عشرين ذى الحجة، الموافق لسابع عشرين مسرى، فيه وفا النيل المبارك، وفتح السدّ فى الثامن والعشرين من مسرى، وقد أبطأ عن ميجاله (٢) أياما، فلما وفا شاوروا الأمير آقبردى عن فتح السدّ، فبعث والى القاهرة لفتح السدّ، فوجد الشيخ عبد القادر الدشطوطى قد فتح جانبا منه قبل مجئ الوالى؛ ولم يتوجّه أحد ليتفرج على فتح السدّ على جارى العادة، لكون، أن القاهرة كانت فى غاية الاضطراب، من عدم الأمن وفساد الأحوال، والناس على رءوسهم طيرة، فكان كما يقال:

أتطلب من زمانك ذا وفاء … وتنكر ذاك جهلا من بنيه

لقد عدم الوفاء به وإنى … لأعجب من وفاء النيل فيه

وقد قال القائل:

لو نطق النيل قال قولا … تشفى به غاية الشفاء


(١) فى شاغل: من شاغل.
(٢) ميجاله، يعنى موعده. وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى هنا فيما سبق ص ٢٨٦ س ٢١.