للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه خرج الحاج من القاهرة، وكان أمير ركب المحمل مصرباى أحد المقدمين، وبالركب الأول الناصرى محمد بن العينى، وكان الحاج فى تلك السنة قليلا. - وفيه صعد سليمان بن قرطام، أحد مشايخ بنى حرام، إلى القلعة، وعلى رأسه منديل الأمان من السلطان، فلما مثل بين يديه لكمه قانصوه الفاجر والى الشرطة، وأخذ منه منديل الأمان والسلطان ساكت لم يتكلم، وثارت عليه جماعة من المماليك السلطانية، وقالوا: هذا قتل خشداشينا الذين (١) قتلوا بالخطارة، فكيف يعطونه منديل الأمان؟ فشقّ ذلك على السلطان، وقام عن الدكة وهو مغضب من المماليك.

وفيه جاءت الأخبار من دمشق بوفاة قانصوه اليحياوى نائب الشام، وحضر سيفه، وكان أصله من مماليك الظاهر جقمق، وكان لا بأس به، تولّى عدة وظائف سنية، منها نيابة الإسكندرية، ونيابة صفد، وطرابلس، ونيابة حلب، ونيابة الشام، وجرى عليه شدائد ومحن، وأسر عند يعقوب بن حسن الطويل فى كاينة يشبك الدوادار مع باينذر، ونفى إلى القدس، ثم ولى بعد ذلك نيابة الشام ومات بها وهو على نيابته، وكان من أجلّ الأمراء وأعظمهم قدرا (٢).

وفى ذى القعدة توفى قاضى القضاة الحنبلى بدر الدين السعدى محمد بن محمد بن أبى بكر بن خلف بن إبراهيم الحنبلى، وكان عالما فاضلا عارفا بمذهبه، تولّى القضاء بمصر وهو فى عنفوان شبوبيته، وأقام به مدّة طويلة حتى مات وهو على وظيفته، وكان لا بأس به، وتوفى وهو فى عشر الستين؛ فلما مات أرسل السلطان خلف شهاب الدين الشيشينى وكان بمكة، فلما حضر أخلع عليه السلطان وأقرّه فى قضاء الحنابلة بمصر، عوضا عن بدر الدين السعدى بحكم وفاته، وهو باق على وظيفته إلى الآن، لكن بعد عزل وإعادة كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه. - وفيه ظهر قانصوه المحمدى المعروف بالبرجى أحد الأمراء المقدّمين، وكان مختفيا من حين ركب قانصوه خمسمائة وانكسر، فلما ظهر أمّنه السلطان على نفسه، وأقام بداره.


(١) الذين: الذى.
(٢) قدرا: أضيف بعدها فى ف: وفيه توفى الشيخ الصالح نور الدين الذاكر، من عين الغزال، وكان معروفا بالصلاح لا بأس به.