وفى شوال لم يخرج السلطان إلى صلاة العيد، ولا طلع الأتابكى تمراز إلى القلعة، ولا بقية الأمراء المقدّمين، فبعث السلطان الخلع إليهم فى بيوتهم؛ وفى أواخر ذلك اليوم طلع الخليفة ليهنئ السلطان بالعيد، وكان بقاعة البحرة مع ذلك الأوباش الذين (١) يعاشرهم، فلم يخرج إليه السلطان، وأرسل يتشكر منه، وأمره بالانصراف، فعدّ ذلك من نواقص الملك الناصر، وكان الناصر فى تلك الأيام فى غاية الطيشان.
وفيه أخلع السلطان على عمّه قيت وقرّره فى نيابة القلعة، عوضا عن قصروه بحكم أنه بقى مقدم ألف، وقرّر ولده جانم فى الزردكاشية، عوضا عن أبيه. - وفيه رسم السلطان لشخص من الأمراء الطبلخانات، يقال له قانصوه الساقى، بأن يكون أمينا على باب القلعة عند سلم المدرج، يحيط علما بمن يطلع إلى القلعة أو ينزل منها، فعدّ ذلك من النوادر.
وفيه جاءت الأخبار من المدينة المشرفة بوفاة الحافظ شمس الدين السخاوى، وهو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبى بكر بن عثمان، وكان عالما فاضلا بارعا فى الحديث، وألّف له تاريخا فيه أشياء كثيرة من المساوئ فى حق الناس، وكان مولده بعد الثلاثين والثمانمائة.
وفيه جاءت الأخبار من الصعيد، بأن قامت هناك فتنة كبيرة بين حميد بن عمر أمير هوّارة، أخو داود الماضى خبر شنقه، فوقع بين حميد وبين قريبه إبراهيم فتنة مهولة يأتى الكلام عليها. - وفيه كانت الفتن قائمة بين طائفة بنى حرام وبنى وائل، حتى أعيى جان بردى الكاشف أمرهم، وخرج إليهم تجريدة وبها عدّة من الأمراء، ولم يفد من ذلك شئ. - وفيه عيّن السلطان أبا يزيد الصغير بأن يتوجه إلى آقبردى الدوادار للصعيد، وصحبته خلعة وفرس بسرج ذهب وكنبوش، وعلى يده مراسيم شريفة لآقبردى الدوادار، بأنه على عادته وفى وظائفه حتى يصير له حرمة على العربان، ثم حضر إلى القاهرة عن قريب، وكان من أمره ما سنذكره فى موضعه.