للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأزبك البيسرى السيفى جانى بك نائب جدّة، وآخرين من الخاصكية والمماليك السلطانية.

وكان آخر الرءوس رأس قانصوه خمسمائة الذى تسلطن، وما كان أغناه عن هذه السلطنة، فصنعوا له عيونا من زجاج حتى يعرف بها من بين الرءوس، وكان قانصوه خمسمائة أميرا جليلا موصوفا بالشجاعة، وافر العقل كثير الأدب والحشمة، ويقال إن أصله من كتابية الظاهر خشقدم، واشتراه الأشرف قايتباى وأعتقه، فهو من معاتيقه، وتولّى من الوظائف: الدوادارية الثانية، وأمير آخورية الكبرى، ثم بقى أتابك العساكر بمصر، ثم تسلطن وتلقّب بالأشرف، وأقام فى السلطنة ثلاثة أيام، وخرب بسببه عدّة دور، وقتلت جماعة كثيرة من الأمراء، وكان قانصوه خمسمائة قليل الحظّ، ليس له سعد فى حركاته، وقتل وهو فى عشر الخمسين؛ فلما عرضوا تلك الرءوس على الملك الناصر، شكّ أكثر الناس بأن هذه ليس برأس قانصوه خمسمائة، واستمرّوا على ذلك إلى الآن؛ فأمر الناصر بأن تعلّق تلك الرؤوس على باب زويلة وباب النصر، واستمرت الكوسات تدقّ بالقلعة سبعة أيام، وكذلك ببيوت الأمراء المقدّمين.

ثم إن الأمير آقبردى الدوادار أرسل يشاور السلطان فى أمر تلك الأمراء، الذين (١) أسروا بخان يونس، فبرزت إليه المراسيم الشريفة بقتلهم أجمعين، فلما وصل آقبردى إلى الخطّارة سلّم هؤلاء الأمراء إلى شيخ العرب أحمد بن قاسم، فأتى بهم إلى فاقوس، فقتلهم أجمعين تحت جميزة كانت هناك، ثم رموا ببئر هناك وانقضت أخبارهم؛ وقيل إن الذى باشر قتلهم قنبك أبو شامة فيما يقال، وقتل قنبك أبو شامة أيضا بعد ذلك بمدّة يسيرة، كما سيأتى الكلام على ذلك، ومثل ما تعمل شاة الحمى فى قرض يعمل فى جلدها.

فكان عدّة من قتل هناك من الأمراء نحوا من عشرة (٢) أمراء، منهم مقدمين (٣)


(١) الذين: الذى.
(٢) عشرة: فى ف: خمسة عشر.
(٣) مقدمين: كذا فى الأصل.