للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبب ذلك أنه يوم مبايعة قانصوه خمسمائة كان هو المديدب له، وأظهر البشر والفرح فى ذلك اليوم، فصار له ذنب عند الناصر بسبب ذلك؛ ومن جملة ما قاساه أن الناصر لكمه على عينه، فنفرت عن مكانها وكادت أن تذهب، وأقام أياما وعينه مرفودة وهو فى التوكيل به أياما، حتى أورد مالا له صورة مما قرّر عليه.

وفيه رسم السلطان للأتابكى تمراز والأمير تانى بك قرا بأن ينزلا إلى دورهما، وكانا بجامع القلعة من حين ركب قانصوه خمسمائة وانكسر، كما تقدم ذكر ذلك، فأخلع عليهما السلطان ونزلا إلى دورهما فى غاية التعظيم. - وفى أثناء هذا الشهر جاءت الأخبار بنصرة آقبردى الدوادار على قانصوه خمسمائة، فلما تحقّق السلطان ذلك نادى فى القاهرة بالزينة، ودقّت البشائر بالقلعة.

فلما كان يوم الخميس رابع رجب دخلت فى ذلك اليوم رءوس من قتل فى المعركة على خان يونس، كما تقدم ذكر ذلك، فكان عدة الرءوس التى حضرت إلى القاهرة أربعة وثلاثين رأسا، وهى معلقة على رماح والمشاعلية تنادى عليهم: هذا جزاء من يخامر ويعصى على السلطان.

فكان من جملة تلك الرءوس رأس ماماى من خداد أحد المقدّمين، وكان شابا رئيسا حشما وافر العقل، شجاعا بطلا، وكان من خواص الأشرف قايتباى، توجّه قاصدا إلى ابن عثمان غير ما مرّة وتولّى من الوظائف الدوادارية الثانية، ثم بقى مقدّم ألف، وهو الذى جدّد الدار المعظمة التى بين القصرين، وأصرف عليها جملة مال.

ومن جملة الرءوس رأس فيروز الزمام، فلم يرث عليه أحد من الناس، ولا أثنوا عليه خيرا، وكان فيروز الزمام عنده خفّة وطيش؛ ومن الأمراء العشرات يخشباى من عبد الكريم، وتمرباى (١) كاشف الشرقية، وسودون الدوادار؛ ومن الخاصكية عدة وافرة، منهم قايتباى من قيت (٢) الرجبى، وخاير بك دوادار الأتابكى أزبك،


(١) وتمرباى كاشف الشرقية: كذا فى ف، وكتبت فى الأصل هنا فيما يلى سطر ١ من الصفحة القادمة بعد كلمة «وآخرين».
(٢) من قيت: كذا فى ف، وفى الأصل: أنى قيت.