للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركب على فرس وكان مجروحا، فنجا بنفسه، ولم يعلم له خبر، والأصح أنه قتل وحزّت رأسه بين يدى آقبردى، ودخلت رأسه إلى القاهرة على رمح، وصار الناس بعد ذلك يشكّون فى قتله إلى الآن، ويزعمون أنه باق فى قيد الحياة إلى الآن، وهذا من الأمور المستحيلة، وقد قضى الأمر فى قتله.

ولما كان صبيحة يوم الواقعة صار آقبردى يقبض على الأمراء الذين (١) كانوا صحبة قانصوه خمسمائة، فقبض عليهم من الغيطان التى هناك والخانقاه، فمسك قانصوه الألفى، وكسباى الزينى، ويشبك قمر، ومن الأمراء الطبلخانات والعشرات زيادة على عشرين أميرا ممن تقدّم ذكرهم، فلما قبض عليهم قيّدهم، وقبض على جماعة من الخاصكية ممن كان صحبة قانصوه خمسمائة، فاستمرّوا فى أسره حتى كان من أمرهم ما سنذكره فى موضعه، هذا ما كان من أمر قانصوه وآقبردى الدوادار.

وأما ما كان من أمر الملك الناصر بعد حركة قانصوه خمسمائة، فإنه صار مع مماليك أبيه فى غاية الضنك وهو مهدّد، والأتابكى تمراز فى غاية المشقّة، وقد وعد بالقتل غير ما مرّة. - فلما كان يوم السبت تاسع عشرينه وقعت قلقلة بين المماليك والأمراء بالقلعة، فقالوا المماليك للأمراء: غيّروا لقب السلطان، ولقّبوه بالملك الأشرف على لقب أبيه، فطال الكلام فى ذلك [ثم] قالت الأمراء: كيف يكون هذا الأمر بعد ما خرجت عدّة مناشير ومربعات إلى البلاد الشامية بالملك الناصر، فكيف نغيّر لقبه بالأشرف؟ فقالوا المماليك: لا بدّ من ذلك؛ وصمّموا على قولهم، فعند ذلك نودى فى القاهرة بأن السلطان تغيّر لقبه وتلقّب بالملك الأشرف، فتعجّب الناس من ذلك، وصارت الخطباء منهم من يخطب باسم الملك الناصر، ومنهم من يخطب باسم الأشرف.

وكان سبب تغيير لقب السلطان أنه أخرج خرجا من المماليك، فصاروا يسمّون الناصرية ومماليك أبيه يسمون الأشرفية، فصارت المماليك الناصرية أرجح كفّة من المماليك الأشرفية، فما طاقوا ذلك، وقالوا: لقبّوا السلطان بالأشرف، ونصير كلنا


(١) الذين: الذى.