للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأحرقوا طبلخانات الأتابكى أزبك، وباب داره، والربوع الهى هناك، ونهبوا قناديل الجامع والحصر التى به، وكان هناك حواصل للأتابكى أزبك فيها خيام ونشاب، فنهبوا ذلك جميعه، ونهبوا دور سكان الأزبكية، فكان كما يقال:

غيرى جنى وأنا المعاقب فيكم … فكأننى سبّابة للتندّم

ثم جاءت الأخبار بأن قانصوه خمسمائة لما خرج من الأزبكية قصد التوجّه إلى غزّة ليقتل آقبردى الدوادار، ولكن فاته الشنب، وكان مقيما عند آقباى نائب غزّة، وكان السلطان أرسل خلفه ليحضر إلى القاهرة، وكان يظن أن الوقت قد صفا له بكسرة قانصوه خمسمائة، فقصد التوجّه إلى الديار المصرية، فلما خرج من غزّة ووصل إلى خان يونس الذى هناك، فلم يشعر إلا وقد دهمته عساكر قانصوه خمسمائة، ولم يكن عنده علم من ذلك، فأحاطوا به، فكان بينهما واقعة مهولة، فانكسر آقبردى الدوادار ودخل إلى خان يونس، وأغلق عليه الباب، فحاصره قانصوه خمسمائة أشدّ المحاصرة، وأحرق باب الخان، وأشرف على أن يظفر به.

فلما رأى آقبردى عين الغلب طلب من قانصوه خمسمائة الأمان، فلم يعطه الأمان، فبينما هما على ذلك وقد قرب غروب الشمس، وإذا بآقباى نائب غزّة، وأينال باى نائب طرابلس، وشيخ العرب إبراهيم بن نبيعة، ومعهم جماعة، والعربان والعشير، أتوا ليتوجّهوا مع آقبردى إلى القاهرة، فوجدوه فى المحاصرة وهو فى خان يونس، فكان كما يقال: فى أضيق الوقت يأتى الله بالفرج، فكان بينهما واقعة لم يسمع بمثلها، فلما حال بينهما الليل انكسر قانصوه خمسمائة ومن معه من الأمراء والعسكر، وهذه رابع كسرة وقعت لقانصوه خمسمائة، فكان كما يقال:

والنفس لا تنتهى عن نيل مرتبة … حتى تروم التى من دونها العطب

فكان أول من أسر من الأمراء ماماى من خداد، فحزّت رأسه بين يدى آقبردى، ثم حزّت رأس فيروز الزمام، وحزّت رأس سودون الدوادار؛ وأما قانصوه خمسمائة فمن الناس من يقول إن رأسه قد حزّت بين يدى آقبردى، وأخذ منه الهياكل التى كان حاملها، ومن الناس من يقول إنه لما انكسر وحال بينهما الليل