للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فموتى فى الوغى عيشى لأنى … رأيت العيش فى أرب النفوس

فبات تلك الليلة هناك فى الأزبكية، فلما أصبح يوم الأربعاء تسحّب غالب من كان عنده من العسكر، ولم يبق منه إلا القليل (١) فبلغه أن المماليك الجلبان نازلة من الطباق وهم مشاة، وقد وصلوا إلى رأس البندقانيين، فلما تحقق ذلك طلب الفرس وركب هو ومن كان عنده من الأمراء، وهم قانصوه الألفى، وماماى الصغير، ويشبك قمر، وكسباى، والطواشى فيروز الزمام، ومن الأمراء الطبلخانات والعشرات نحو من عشرين أميرا، منهم قايتباى الأقرع الزردكاش، وبرسباى الخسيف أمير آخور ثانى، وقرقماس الشريفى المحتسب، وأسنباى المبشّر، وتمراز الشيخ، ودولات باى المصارع أزدمر الخازندار، ودولات باى جركس، وتمر باى المحمدى كاشف الشرقية، وسودون الدوادار، وطومان باى أخو الأمير جانم، وآخرين من الأمراء؛ فخرجوا من الأزبكية بعد طلوع الشمس، وهم على جرايد الخيل فتوجّهوا إلى نحو خانقاه سرياقوس، وكان آخر العهد بهم، وقد قتلوا أجمعين كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه.

فكانت هذه ثالث كسرة وقعت لقانصوه خمسمائة، وكان أرشلا معكوس الحركات فى سائر أفعاله، لم يطبّ طبّه، وكان ذلك خذلان من الله تعالى له، وقد قيل فى المعنى:

على المرء أن يسعى لما فيه نفعه … وليس عليه أن يساعده الدهر

فإن نال بالسعى المناتمّ قصده … وإن حالت الأقدار كان له العذر

فلما وصلوا المماليك الجلبان إلى الأزبكية وجدوا قانصوه خمسمائة قد تسحّب منها (٢)،


(١) القليل: أضيف بعدها فى ف: وتوجه الأمير كرتباى الأحمر إلى المطرية وخليج الزعفران لأجل الخيول، فأخذوها لأنها كانت فى الربيع.
(٢) تسحب منها: أضيف بعدها فى ف ما يأتى: وكان الأتابكى تمراز نزل مع جماعة الجلبان من على باب الخرق وأتوا إلى الأزبكية، والجماعة الثانية مع تانى بك قرا نزلوا وتوجهوا من البندقانيين من على قنطرة الموسكى وأتوا الأزبكية من هناك، فلم يجدوا بها أحدا.