للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا كله جرى وقانصوه خمسمائة من حين انكسر وهو مختفى، والإشاعات قائمة بوقوع فتنة كبيرة، وصار الناس على رأسهم طيرة، ثم أشيع بين الناس أن المماليك الذين (١) من عصبة قانصوه خمسمائة يقصدون (٢) قتل الأتابكى تمراز وتانى بك قرا، فرسم لهما السلطان بأن يطلعا إلى القلعة ويقيما بها، حتى يكون من هذا الأمر ما يكون، فطلع الأتابكى تمراز وتانى بك قرا، فأقاما فى الجامع الصغير الذى هو داخل الحوش السلطانى، فأقاما به أياما.

فلما كان يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخرة ظهر الأشرف قانصوه خمسمائة من مكان فى درب المرسينة، التى عند قناطر السباع، وكان قد أشيع بأنه قد جرح فى وجهه من حين انهزم من الرملة، فلما ظهر تسامع به من كان من عصبته فأتوا إليه أفواجا أفواجا، فركب من هناك وعلى رأسه صنجق، فتوجّه إلى الميدان الناصرى الذى عند البركة؛ فلما تسامع به العسكر حضر إلى عنده جماعة من الأمراء ممن كان من عصبته واختفى يوم الهزيمة، فحضر قانصوه الألفى، وجان بلاط [الدوادار، وكرتباى الأحمر، وماماى من خداد، وكسباى] (٣)، ويشبك قمر، فهؤلاء مقدّمين (٤) ألوف، وحضر من الأمراء العشرات (٥) جماعة كثيرة.

فلما تكاثر هناك العسكر ضاق بهم الميدان، فحسن ببال قانصوه خمسمائة بأن يأخذ العسكر ويتوجّه إلى الأزبكية، فتوجّه إلى هناك ونزل بدار الأتابكى أزبك، فلم يحضر إليه من العسكر إلا قليلا، وقد تلاشى أمره، وبان عليه الخذلان، وهو لا ينتهى عما هو فيه، كما يقال فى الأمثال:

الموت فى طلب الثار … ولا الحياة فى العار

وقال آخر:


(١) الذين: الذى.
(٢) يقصدون: يقصدوا.
(٣) الدوادار … وكسباى: كذا فى الأصل، وفى ف: من يشبك، وماماى، وقرقماس من ولى الدين، وقانصوه المحمدى، وقيت الرجبى، وكرتباى الأحمر، وكرتباى الشريفى.
(٤) مقدمين: كذا فى الأصل.
(٥) العشرات: فى ف: الطبلخانات والعشرات.