للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: المشهور عنه إباحتها بعد أن كانت [منهيا] (١) عنها، قال في رواية حنبل قد أذن النبي أن ينتبذ في الظروف بعد ما كان نهى، ولا بأس أن ينتبذ الرجل في الأوعية كلها إذا لم يكن مسكرا، والسقاء أحب إلي؛ لأنه لا اختلاف فيه ولم يجئ فيه نهي (٢).

واحتج: بما روي عن أبي موسى قال: بعثني رسول الله أنا ومعاذا إلى اليمن فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين يصنعان من البر والشعير: أحدهما، يقال له المزر، والآخر: البتع، فما نشرب؟، فقال: "اشربوا ولا تسكروا" (٣).

فنص على إباحة ما دون السكر وكانت بعثتهما إلى اليمن في آخر أيامه لأنه توفي ومعاذ باليمن، فدل على تأخر الإباحة عن الحظر (٤).

والجواب: أن هذا الحديث غير معروف، والمعروف من ذلك ما رواه أحمد، وقد ذكرناه فيما تقدم، و أن النبي قال له: "أيسكر؟ " قال: نعم، قال: "انههم، فمن لم ينته فاقتله" (٥)، وقد قال أحمد رواية أبي جعفر أحمد بن عبد السلام (٦): "ليس في الرخصة في المسكر حديث صحيح" (٧)، ولو صح حمل على أنه أراد به اشربوا ولا تشربوا مسكرا؛ لأن السكر من فعل الله فلا يتناوله التحريم، وإنما يتناوله أفعالنا في شرب المسكر (٨).


(١) في الأصل (منهي)، والصواب ما أثبت؛ لوقوعها خبرا لكان.
(٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوايه (٨/ ٤٠٦٩) رقم (٢٩٠١)، المغني (٩/ ١٧٢)، الشرح الكبير (١٠/ ٣٤٥)، الحاوي (١٣/ ٣٩٧).
(٣) ذكر هذه الرواية بهذا اللفظ الطحاوي في شرح مشكل الآثار (٤/ ٢٢٠) برقم (٥٩٩٤).
(٤) ينظر: اللباب (٢/ ٧٦٠)، تبيين الحقائق (٦/ ٤٧)، المعتصر من المختصر (١/ ٢٧٩).
(٥) سبق تخريجه ص ٩٣.
(٦) لم أقف على ترجمته.
(٧) لم أقف على هذه الرواية عن أبي جعفر، لكنها ثابتة ومنقولة عن الإمام أحمد، وفي سنن النسائي ولكن من طريق عن عبيد الله بن سعيد عن أبي أسامة قال سمعت بن المبارك يقول: ما وجدت الرخصة في المسكر عن أحد صحيحًا إلا عن إبراهيم.
ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (ص (٧٦) رقم (٢٠٣)، المغني (٩/ ١٦٠)، المبدع شرح المقنع (٧/ ٤١٦)، الشرح الكبير على متن المقنع (١٠/ ٣٢٨)، جامع العلوم والحكم (٣/ ١٢٢٨).
(٨) ينظر: الذخيرة (٤/ ١١٤)، الحاوي (١٣/ ٤٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>