للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغة قليلة" يعني أنّ القياس أن يؤمر المخاطب بصيغة «افعل»، وبهذا الأصل قرأ أبيّ «فافرحوا» موافقة لمصحفه، وهذه قاعدة كلية: وهي أنّ الأمر باللام يكثر في الغائب والمخاطب المبني للمفعول، مثال الأوّل: "ليقم زيد"، وكالآية الكريمة في قراءة الباقين، ومثال الثّاني: "لتعن بحاجتي"، و"لتضرب يا زيد" فإن كان مبنيّا للفاعل كقراءة رويس هذه، وفي الحديث: "لتأخذوا مصافكم" (١) بل الكثير في هذا النوع الأمر بصيغة «افعل» نحو: "قم يا زيد وقوموا ولذلك يضعف الأمر باللام للمتكلم وحده أو ومعه غيره نحو: "لأقم" تأمر نفسك بالقيام، ومنه قوله : "قوموا فلأصلي لكم" (٢)، ومثال الثّاني: "لنقم أي: نحن، وكذلك النهي، وافقه الحسن والمطّوّعي، وقرأ الباقون بالغيب، وكلّهم سكّن اللاّم إلاّ الحسن فإنّه كسرها، وهو الأصل.

واختلف في ﴿مِمّا يَجْمَعُونَ﴾ (٣) فابن عامر وكذا أبو جعفر ورويس بالخطاب على الالتفات إلى الكفار أو خطاب لقوله: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ،﴾ وهذه القراءة تناسب قراءة الخطاب في قوله ﴿فَلْيَفْرَحُوا،﴾ وفي سنن أبي داود بإسناد حسن من حديث أبيّ بن كعب: "أنّ رسول الله قرأ ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ﴾ " (٤) يعني بالخطاب فيهما، وافقهم الحسن، وقرأ الباقون بالغيب على الإخبار عنهم على جهة الغيبة مناسبة لما قبله.

و ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ (٥) سبق حكمه قريبا.


(١) الحديث لا أصل له بهذا اللفظ، انظر: الترمذي ٥/ ٣٧٠ (٣٢٣٥)، ومسند أحمد ٥/ ٢٤٣ (٢٢٤٦٠)، تخريج أحاديث الكشاف ٢/ ١٢٧.
(٢) أخرجه البخاري ١/ ٤٨٨ (٣٨٠)، الطيالسي (٢٠٢٧)، عبد بن حميد (١٢٦٧)، الأدب المفرد (٨٨)، مسند أحمد ٢٠/ ٣١٥ (١٣٠١٣).
(٣) يونس: ٥٨، النشر ٢/ ٢٨٦، المبهج ٢/ ٦٢٨، مفردة الحسن: ٣١٨، إيضاح الرموز: ٤٣٦، مصطلح الإشارات: ٢٨١، الدر المصون ٦/ ٢٢٦، كنز المعاني ٤/ ١٧١٨.
(٤) سنن أبي داود ٤/ ٥٨ (٣٩٨٣)، سنن سعيد بن منصور ٥/ ٣١٣ (١٠٦٢)، المستدرك ٣/ ٣٠٤ (٥٣٢٤)، مصنف ابن أبي شيبة ١٢/ ١٤١ (٣٢٩٧٨)، مسند أحمد ٣٥/ ٧١ (٢١١٣٦).
(٥) يونس: ٥٩، النشر ٢/ ٢٨٦، سورة يونس: ٥٠، ٥/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>