للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرقان في حياة رسول الله قال: فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ علي حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله فكدت أساوره في الصلاة فتصبّرت حتى سلّم فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السّورة التي سمعتك تقرأ؟. قال: أقرأنيها رسول الله ، فقلت: كذبت فإنّ رسول الله قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله ، فقلت: إنّي سمعت هذا يقرأسورة الفرقان على حروف لم تقرأنيها، فقال رسول الله : اقرأ (١) يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله : كذلك أنزلت ثمّ قال: أقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله : كذلك أنزلت، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه "، رواه البخاري (٢) أيضا.

وقوله:" أساوره ": أي آخذ برأسه، و" لببته ": أي جمعت عليه ثيابه عند لبّته (٣) لئلا ينفلت مني، وكان عمر شديدا في الأمر بالمعروف (٤).

وفي قوله:" فاقرءوا ما تيسر منه ": إشارة إلى الحكمة في التّعدد المذكور في الحديث، وأنّه للتّيسير على القارئ، وهذا يقوّي قول من قال:" المراد بالأحرف اللفظ المرادف، ولو كان من لغة واحدة؛ لأنّ لغة هشام بلسان قريش وكذلك عمر، ومع ذلك فقد اختلفت قراءتهما "، نبّه على ذلك ابن عبد البر (٥)، ونقل عن أكثر أهل العلم أنّ هذا هو المراد بالأحرف السبعة (٦).


(١) في البخاري:" أرسله، اقرأ ".
(٢) صحيح البخاري ٤/ ١٩٠٩ (٤٧٠٦).
(٣) ولبه: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جره، انظر: الوسيط ٢/ ٨٤٤ مادة لبب.
(٤) انظر: فتح الباري ٩/ ٢٥.
(٥) أبو عمرو يوسف بن عبد الله بن محمد النمري القرطبي سمع من عبيد الله بن يحيى، وروى عنه عمر بن نمارة، ألف التمهيد، والاستذكار في شرح الموطأ، وبيان العلم وفضله، توفي سنة (٣٤١) هـ، انظر: سير أعلام النبلاء ١٥/ ٤٩٨، جذوة المقتبس: ٥٩.
(٦) انظر فتح الباري ٩/ ٢٦، والنقل بتمامه من هناك، وانظر: التمهيد ٣/ ٤٨٩، والمرشد الوجيز: ١٠٦، والإتقان ١/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>