يقول المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:[ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إِلَى إنكار النبوة وهو كفر] يريد أن يُلزم الذين ينكرون الإسراء والمعراج عامة، والذين ينكرون كون ذلك بالجسد والروح بلازم وهو: أن كل مؤمن بالإسلام وبنبوة مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقر بأن جبريل عَلَيْهِ السَّلام ينزل إِلَى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالوحي، بل قد نزل إِلَى من قبله، وهناك ملائكة آخرون ينزلون إِلَى الأرض، ثُمَّ يصعدون إِلَى السماء؛ فإذا كَانَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد بين ذلك، وكلنا مقرين بأن الملائكة تنزل من السماء إِلَى الأرض، ثُمَّ تصعد وتعرج، كما ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وعلى تفاوت في أحوالها ووظائفها وأعمالها بهذه القدرة العظيمة، وكل الذين يؤمنون بالرسل وبالأنبياء حتى من غير الْمُسْلِمِينَ مقرون بهذا الأمر، فما المانع من الإقرار بصعود البشر ثُمَّ نزولهم، كما حدث ذلك لنبينا مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا سيما وهو أفضل الخلق وسيد ولد آدم وهو أفضل الأَنْبِيَاء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه عليهم أجمعين.
فإنكار نزول الملائكة يؤدي إِلَى إنكار النبوة، وقد سبق في مبحث النبوة أن كل الدين مركب عَلَى قضية أساسية، وهي إثبات نبوة مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن من ينكرها معناه أنه لا يؤمن بالسنة، ولا يؤمن بالملائكة، ولا بالله ولا باليوم الآخر فهذا كافر، كحال من أنكر نبوته صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليهود والنَّصارَى وغيرهم، ومن أقر بنبوته، فإنه تلقائياً يجب عليه أن يقر بكل ما صح عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأخبار، وكذلك يجب عليه أن يعمل بكل ما صح من الأوامر والنواهي.