فيكون الإسراء بهذا المجموع -وهذا ما تقدمت الأدلة عليه بالتفصيل- ولا يمتنع ذلك عقلاً] بل لا نأبه أن يكون هناك من يقول: إن العقل يثبت هذا الشي أو ينفيه مادام أنه قد صح عن رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعقولنا: إنما هي آلات أعطانا الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إياها لنستعين بها عَلَى فهم ما ينزله علينا، فإذا جعلناها معارضة لما أنزل فقد خرجنا بها عن طورها، وظلمنا أنفسنا كما قال تَعَالَى عن الشرك: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:١٣] والبدعة: ظلم؛ بل المعصية أيضا ظلم؛ لأنها وضع للشي في غير موضعه، ومن أكبر الظلم: أن يظلم هذا العقل -الذي جعله الله أداة لنفهم طريقنا إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- كما بين وشرع- فنجعله أداة معارضة ومضادة للوحي الذي أنزله الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فإنه أعطانا إياه لنفهم به هذا الوحي لا لنرد به الوحي.
لكن المُصنِّفُ ذكر ذلك عرضاً من باب التنزل والجدل واستدراج الخصم، وإلا فإننا -أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ - كما أننا في المأثور والمنقول نستطيع أن نتكلم ونبين الحق، فكذلك أيضاً في المعقول والنظر نَحْنُ أصدق النَّاس وأنصحهم في النظر والعقليات يقول المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:[ولا يمتنع ذلك عقلاً] أي: ما المانع العقلي أن يكون الإسراء بالروح والجسد، وأن يتحقق في هذه السرعة، وفي هذا الوقت، وبهذه الكيفية التي ثبتت عنه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ