للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فإن قيل: فما الحكمة في الإسراء إِلَى بيت المقدس أولاً؟

فالجواب والله أعلم: أنه ذلك كَانَ إظهاراً لصدق دعوى الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعراج حين سألته قريش عن نعت بيت المقدس، فنعته لهم وأخبرهم عن عيرهم التي مر عليها في طريقه، ولو كَانَ عروجه إِلَى السماء من مكة لما حصل ذلك، إذ لا يمكن إطَّلاعهم عَلَى ما في السماء لو أخبرهم عنه، وقد اطلعوا علىبيت المقدس فأخبرهم بنعته. وفي حديث المعراج دليل عَلَى ثبوت صفة العلو لله تَعَالَى من وجوه لمن تدبره وبالله التوفيق] اهـ.

الشرح:

يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [فإن قيل: فما الحكمة في الإسراء إِلَى بيت المقدس أولاً؟ فالجواب -والله أعلم-] نسب العلم إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ونسبة العلم إليه أسلم وهو أدب من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها العالم والمتكلم في هذه الأمور التي لا يستطيع الجزم فيها، ولاسيما ما يتعلق بالحكمة، فنحن لا نعرف ولا ندرك هذه الحكمة، فمنها ما هو ظاهر يدرك بالفهم وبالنظر السليم الصحيح، ومنها أمور خفية ودقيقة لا يمكن أن ندركها بنفس القوة في القطع والجزم، ومنها ما لا يدرك أصلاً.

فعلى الإِنسَان أن يرد العلم إِلَى الحكيم العليم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَيَقُولُ: والله أعلم، هذا خير وأفضل وأسلم في أمثال هذه الأمور، فهو من الآداب التي ينبغي علينا أن نتحلى بها، فلا نجزم في شيء لا نملك عليه دليلاً نستطيع معه أن نجزم.

<<  <   >  >>