وقد شرحه اثنان أحدهما شهاب الدين الخفاجي وسمي شرحه نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض٢ والشرح الآخر للملا عَلَى القاري الحنفي. وأصل الخلاف في موضوع رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -هل حصلت بالعين أم لم تحصل- هو اختلاف العلماء من عهد الصحابة في تفسير سورة النجم في قوله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:١] وإذا تأملنا الآيات نجد أنها أثبتت رؤيتين لما قال: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم:١٣] هذه هي الأخرى، وكلمة (نَزْلَةً) اسم مرة، يعنى: مرة أخرى، والمرة الأولى كانت قبل ذلك، والفهم الذي يمكن أن نفهمه قبل أن ندخل ونخوض في الخلاف أن القول الصحيح الراجح يتبين من سياق الآيات نفسها، فإن الله تَعَالَى أقسم بالنجم إذا هوى بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليس بضال ولا غاوي عن الطريق كما يزعم أولئك، وأن ما يقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما هو وحي يوحى علمه شديد القوى، وقد جَاءَ في القُرْآن في مواضع أخرى أن الذي علم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القُرْآن والوحي هو جبريل الأمين كما قال تَعَالَى: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير:٢٣] والمقصود بالرؤية هنا بلا شك هو جبريل عَلَيْهِ السَّلام. وفي صحيح