للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النزاع في رؤية النبي لربه قديم من أيام الصحابة -رضوان الله عليهم- وبعض العلماء ينفى التنازع ويقول: إنه لم يحدث، ولم يقع خلاف بين أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رؤية الله عياناً بالبصر وكلهم متفقون عَلَى أنه لم يقع، وما نقل عن بعضهم كابن عباس وابن مسعود وأَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنهم، إما أنه لم يثبت وإما أن المقصود به الرؤيا بالقلب وليست بالعين، وهذا القول رجحه كثير من العلماء، وهو الذي رجحه الإمامعثمان بن سعيد الدارمي وقَالَ: إن الصحابة اتفقوا عليه، وهو أيضاً القول الذي اختاره الحافظ ابن كثير في أول كلامه عَلَى سورة النجم وإن كَانَ بعد ذلك ذكر ما يشعر بخلافه، وكأنه -رَحِمَهُ اللَّهُ- اضطرب في ذلك، فالمقصود أن الذي عليه الأغلب والذي تجتمع به الأدلة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به لم ير ربه تَعَالَى بعينه فضلاً عما سوى ذلك. وإنما حصل له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رؤية أخرى بالقلب، وهي التي ذكرت في حديث اختصام الملأ الأعلى (رأيت ربى في أحسن صورة) ، وهو من رواية ابن عباس التى سندها سند البُخَارِيّ لما رأى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه في المنام في أحسن صورة فقَالَ: (يا مُحَمَّد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى، فقَالَ: لا، فقَالَ: في الكفارات والدرجات) وهو الحديث الذي ذكر طرقه ورواياته الإمام الحافظ ابن كثير في تفسير سورة (ص) عند قوله تعالى: مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ [صّ:٦٩] وشرحه الحافظ ابن رجب في كتاب منفرد وهو (اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى) والمصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ- اختصر ما جَاءَ في كتاب الشفا في أحوال المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للقاضي عياض المالكي، وقد تحدث وأطال في موضوع الرؤيا، ولخص المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- كلامه، كما أطال في ذلك الشرح،

<<  <   >  >>