البُخَارِيّ وغيره أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى جبريل عَلَى خلقته التي خلقه الله تَعَالَى عليها، له ستمائة جناح قد سد الأفق وفي القُرْآن يقول الله: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ إذاً الآية والأحاديث الصحيحة تدل عَلَى أن المرئي هنا جبريل وعلى أن الذي يعلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو جبريل عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى [النجم:٥-٨] فالأفق الذي ورد هنا ورد في الآية الأخرى وفي الأحاديث، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى [النجم:٨] إذاً جبريل عَلَيْهِ السَّلام دنا فتدلى من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:٩] أي: لا يزيد عن ذلك، فـ (أو) ليست للشك وإنما هي لنفي الزيادة، أي: تكون أقل من ذلك كما قال تَعَالَى وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات:١٤٧] فقوله (أو) ليست للشك؛ لكن المعنى أنهم لا ينقصون عن المائة ألف بل يزيدون. فالمقصود أن جبريل عَلَيْهِ السَّلام دنا فتدلى وهو بهيئته وخلقته العظمى التي خلقه الله تعالىعليها بعد أن كَانَ يأتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في صورة إنسان من البشر، كما أتى في صورة دحية الكلبي، فإن الله تَعَالَى أعطى الملائكة قوة التشكل والتصور كما يشاء تَعَالَى أن يأتوا، ولكن من حكمته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومن رحمته، وليثبت نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويذهب عنه الروع والخوف مما لقيه لما نزل عليه الملك بحراء، وليطمئنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن هذا ليس بجني وليس بشيطان، وأن هذا حق وهو رسوله إِلَى رسله وأمينه الذي ائتمنه عَلَى وحيه، فجاءه جبريل في تلك الصورة فتأكد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستيقن أن هذا هو رَسُول الله وأمينه، وهو روح