للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: "ما عندي شيء ولكن ابتع علي، فإذا جاءنا شيء قضيناه"، فقال له عمر: ما كلفك الله ما لا تقدر، فكره النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالًا،..................


يسأله أن يعطيه، "فقال: "ما عندي شيء، ولكن ابتع علي" روي بموحدة ساكنة بعد همزة الوصل، ففوقية، أي: اشتر واعدد، أو احسب علي، قال الزمخشري: البيع هنا الاشتراء، قال طرفة:
ويأتيك بالأخبار من لا تبع له ... بتاتًا ولم تضرب له وقت موعد
وروي بتقديم التاء الفوقية على الموحدة، أي: أحل علي، قال الزمخشري: اتبعت فلانًا على فلان أحلته، ومنه خبر إذا اتبع أحدكم علي ملئ فليتبع، انتهى.
وفي رواية البزار عن عمر، فقال: "ما عندي شيء أعطيك، ولكن استقرض حتى يأتينا شيء فنعطيك"، فلا مانع من تفسير ابتع، أو اتبع باستقرض، تجوز الرواية البزار إذ الحديث واحد، وليس بضمان، بل وعد منه، ووعده ملتزم الوفاء؛ إذ وعد الكريم دَيْن، ولذا صحَّ أنه لما توفي نادى لصديق لما جاءه مال البحرين من كان له عند رسول الله عدة أو دين فليأتنا، فجاء جابر وقال: إنه وعدني كذا، فأعطاه له الحديث في الصحيح، "فإذا جاءنا شيء" من غنائم، أو غيرها "قضيناه" أي: أدَّيناه، وعبَّر بالجمع للتعظيم، أي: فضيته قضاء أنال به التعظيم من الله، ولذا لم يقل: جاءني، وقضيته مع قوله: عليَّ، والقضاء يشعر بأنه لزم زمته, كذا وجهه بعض شراح الشفاء؛ لأنه وقع فيها بالجمع كما هنا، لكن لفظ الشمائل: "فإذا جاء شيء قضيته"، "فقال له عمر" القياس، فقلت له: فهو التفات عند بعض، أو رواية بالمعنى، قال المصنف: وهو بعيد، "ما كلفك الله ما لا تقدر" أي: ما ليس حاصلًا عندك، "فكره النبي -صلى الله عليه وسلم" قول عمر، كما هو لفظ الترمذي، أي: من حيث استلزامه قنوط السائل وحرمانه؛ ولأن مثله ما لا يعد تكليفًا لما لا يقدر عليه، لما عوَّده الله من فيض نعمه عليه، "فقال رجل من الأنصار"؛ حيث رأى كراهة المصطفى لذلك: "يا رسول الله أنفق" بفتح الهمزة، أمر من الإنفاق، "ولا تخف" قال بعض: كذا في غالب النسخ، ولعل الصواب، ولا تخش، فإنه يصير نصف بيت موزون، وليس هذا الترجي بشيء "من ذي العرش" قيد للمنفي، لا للنفي "إقلالًا" فقرأ من قلَّ بمعنى افتقر، وهو في الأصل بمعنى صار ذا قلة، وما أحسن من ذي العرش هنا، أي: لا تخف أن يضيِّع مثلك من هو مدبر الأمر من السماء إلى الأرض، قال البرهان في المقتفى: هذا الرجل لا أعرفه، وفي حفظي أنه بلال, لكنه مهاجري لا أنصاري، فيكون قد قال ذلك بلال والأنصاري، أو أن الذي فيه ذكر بلال قصة أخرى، المأمور فيها بالإنفاق بلال. روى الطبراني، والبزار عن ابن مسعود

<<  <  ج: ص:  >  >>