للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتبسم -صلى الله عليه وسلم- وعرف البشر في وجهه. وقال: "بهذا أمرت".

وإنما فعل ذلك للمصلحة الداعية لذلك كالاستيلاف ونحوه.

وذكر ابن فارس في كتابه "أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم" أنه في يوم حنين جاءت امرأة فأنشدت شعرًا تذكره أيام رضاعته في هوازن, فردَّ عليهم ما أخذه, وأعطاهم عطاءً كثيرًا, حتى قوِّم ما أعطاهم ذلك اليوم فكان خمسمائة ألف ألف.......................................


دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على بلال وعنده صبرة من تمر، فقال: "ما هذا يا بلال"؟، قال: يا رسول الله دخرته لك ولضيفانك، قال: "ألا تخشى أن يفور لها بخار من جهنم؟، أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالًا" انتهى.
فما في حفظه، إنما هو في هذه القصة، فلا يصح تفسير المبهم ببلال لوجهين، "فتبسم -صلى الله عليه وسلم" فرحًا بقول الأنصاري، "وعرف البشر في وجهه" بانبساطه وتهلله، "وقال بهذا" أي: الإنفاق من غير مخافة فقر، "أمرت" بنحو: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} ، لا بما قال عمر, فقدَّم الظر ليفيد قصر القلب رد اعتقاد عمر، "وإنما فعل ذلك للمصلحة الداعية لذلك، كالاستيلاف" بسكون الياء، وأصله الهمزة، "ونحوه" كدفع الضرر، واستشكل الحديث؛ بأن الله قال: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} [إسراء: ٢٩] الآية, وأجاب القاضي أبو يعلى، بأن المراد بهذا الخطاب غيره -صلى الله عليه وسلم، وغير خُلَّص المؤمنين الذين كانوا ينفقون جميع ما عندهم عن طيب قلب لتوكلهم وثقتهم بما عند الله، أما من كان ليس كذلك يتحسَّر على ما ذهب منه، فهم المحمود منهم التوسط {الَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: ٦٧] الآية؛ لأنهم لا صبر لهم على الفاقة، ولذا صعب عليه -صلى الله عليه وسلم- كلام عمر، لما راعى ظاهر الحال, وأمره بصيانة المال، شفقة عليه لعلمه بكثرة السائلين له، وتهافتهم عليه، والأنصاري راعى حاله -صلى الله عليه وسلم، فلذا سره كلامه، فقوله: "بهذا أمرت" إشارة إلى أنه أمر خاص به، وبمن يمشي على قدمه، "وذكر ابن فارس في كتابه أسماء النبي" وفي نسخة في أسماء، أي: المؤلف في أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم، أنه في يوم حنين جاءت" وفي نسخة جاءته "امرأة، فأنشدت شعرًا تذكره أيام رضاعته في هوازن، فردّ عليهم ما أخذه" من النساء، والبنين، ونسب إليه لأنه الأمير، وفي نسخة بحذف الهاء مبني للفاعل، أي: ما أخذ مما نابه من الخمس، أو المفعول: أي: المسملون، "وأعطاهم" عطف تفسير، أي: كان المردود "عطاء كثيرًا"؛ لأنه لم يكن معه مال غير المأخوذ من الغنيمة، وسمي المردود عطاء الملك الغانمين له "حتى قوّم ما أعطاهم ذلك اليوم فكان خمسمائة ألف ألف" من السبايا، وأما أموالهم فلم يردها عليهم؛ لأنه كان قسم الجميع، فلما جاءوه مسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>