للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن قال شيخ مشايخنا الحافظ أبو الفضل بن حجر: ليس المراد أنه يعطي ما يطلب منه جزمًا، بل المراد: إنه لا ينطق بالرد، بل إن كان عنده شيء أعطاه إن كان الإعطاء سائغًا وإلّا سكت. قال: وقد ورد بيان ذلك في حديث مرسل لابن الحنفية عند ابن سعد ولفظه: كان إذا سئل فأراد أن يفعل قال: نعم،


سوق المصنف هذا البيت، وتبعه تلميذه الشامي أنه في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم، والذي في القصيدة أنه في زين العابدين علي بن الحسين، قال في حياة الحيوان: ينسب إلى الفرزدق، مكرمة يرجى له بها الجنة، وهي أن هشام بن عبد الملك لما حجَّ أيام أبيه طاف بالبيت، وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود، فلم يقدر لكثرة الزحام، فجلس على كرسي ينظر الناس، ومعه جماعة من أعيان الشام، فأقبل زين العابدين علي بن الحسين فطاف، فلما انتهى إلى الحجر تنحّى له الناس حتى استلمه، فقال شامي لهشام: من ذا الذي هابه الناس هذه الهيبة؟ فقال هشام: ما أعرفه مافة أن يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق: أنا أعرفه، فقال الشامي: من هو؟ فقال:
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
إلى أن قال:
وليس قولك من هذا يضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم
كلتا يديه غياث عم نفعهما ... يستوكفان ولا يعروهما عدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره ... يزينه اثنان حسن الخلق والكرم
حمال أثقال أقوام إذا فدجوا ... حلو الشمائل تحدو عنده نعم
وبعد ما قال لا البيت، وبعده:
عم البرية بالإحسان فانقشعت ... عنها الغياهب والأملاق والعدم
من معشر حبهم دين وبغضهم ... كفر وقربهم منجا ومعتصم
وهي خمسة وعشرون بيتًا، فغضب هشام وحبس الفرزدق، فأنفذ له زين العابدين اثنتي عشر ألف درهم، فردها وقال: مدحته لله لا للعطاء، فأرسل يقول له: إنَّا أهل بيت إذا وهبنا شيئًا لا نستعيده، والله يعلم نيتك ويثيبك عليها، فقبلها، "لكن قال شيخ مشايخنا الحافظ أبو الفضل بن حجر" في فتح الباري "ليس المراد" يقول جابر, فقال: لا "إنه يعطي ما يطلب منه جزمًا" لأنه خلاف الواقع، "بل المراد أنه لا ينطق بالرد، بل إن كان عنده شيء" المطلوب، أو غيره "أعطاه إن كان الإعطاء سائغًا"، كالمباح، "وإلّا سكت" أو اعتذر، كما يأتي، أو دعا، كما قال بعض "قال: وقد ورد بيان ذلك في حديث مرسل لابن الحنفية" محمد بن علي بن أبي طالب اشتهر بأمه، "عند ابن سعد، ولفظه كان" صلى الله عليه وسلم "إذا سئل، فأراد أن يفعل، قال: "نعم"،

<<  <  ج: ص:  >  >>