للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وخلاصة ما تقدم، فإننا إذا استبعدنا الغرائب والمناكير والأباطيل، ننظر بعد ذلك في الأسانيد المحتملة للتقوية:

أ- إسرائيل بن أبي إسحاق، عن أبي سنان، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه ثلاثًا، غفر له، وإن كان فر من الزحف. موقوفًا.

وهو موقوف على ابن مسعود بإسناد كوفي صحيح غريب.

ب - عفان بن مسلم: حدثنا بكير بن أبي السميط: حدثنا منصور بن زاذان، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: من قال: أستغفر اللّه العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، وأتوب إليه، خمس مرات؛ غفر له، وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

وهذا موقوف على أبي سعيد الخدري بإسناد غريب لا بأس به.

فهذان أثران غريبان موقوفان، ولا يظهر لي أن لهما حكم الرفع، فلعلهما استنبطا ذلك من شيء من نصوص القرآن أو السُّنَّة، اجتهادًا منهما في الحث على الاستغفار باسم الله الأعظم، ولا يشهد أحدهما للآخر من وجهين: الأول: اختلاف الثواب؛ ففي أثر ابن مسعود: بشره بأن تغفر له الكبائر الموبقات، مثل الفرار من الزحف، وفي أثر أبي سعيد: تغفر له ذنوبه وإن كانت في الكثرة مثل زبد البحر، لكنه مطلق، فقد يراد به الصغائر دون الكبائر، والتي تحتاج إلى توبة خاصة من الكبيرة، مع الإقلاع عنها المقارن للندم على فعلها، والعزم على عدم العود إليها، ورد الحقوق لأصحابها.

والوجه الثاني: أنه قيده في أثر ابن مسعود بثلاث مرات، بينما قيده في أثر أبي سعيد بخمس مرات.

ثم إن الغرابة لا تنفك عنهما، فلم يشتهرا عند أهل الكوفة، ولا عند أهل البصرة، ولا عند أهل واسط، فضلًا عن إمساك أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد عنها، والله أعلم.

ويقال أيضًا: إن التائب من الذنب ولو كان كبيرة من كبائر الذنوب لا يشترط له صيغة معينة في الاستغفار والتوبة، وإنما يكفيه أن يقلع عن الكبيرة، ويستغفر ربه مما قارفه، مع الندم على ما فات، وصدق العزم على عدم العود إليها، وأن يرد الحقوق لأصحابها، والله أعلم.

* * *

قال أبو داود: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا الوليد بن مسلم: حدثنا الحكم بن مصعب: حدثنا محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه؛ أنه حدثه عن ابن عباس؛ أنه حدثه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لَزِم الاستغفارَ، جعل الله

<<  <  ج: ص:  >  >>