قال ابن حبان: "قول أبي ذر: لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة، يريد: مما بقي من العشر لا مما مضى منه، وكان الشهر الذي خاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته بهذا الخطاب فيه تسعاً وعشرين، فليلة السادسة من باقي تسع وعشرين تكون ليلة أربع وعشرين، وليلة الخامسة من باقي تسع وعشرين تكون ليلة الخامس والعشرين".
قلت: وكلام ابن حبان هذا يوافق رواية الجماعة، والتي فصلتها رواية الثوري وابن أبي زائدة، وبه يُحكم على رواية علي بن عاصم، ورواية الطيالسي عن وهيب بالوهم.
بينما فسر البيهقي رواية الجماعة برواية وهيب [عند الطيالسي]، ومال إلى ترجيحها على رواية الثوري، فلم يصب في ذلك، فإن رواية الثوري وابن أبي زائدة قاضية على ما رواه علي بن عاصم، وعلى ما رواه الطيالسي عن وهيب، والله أعلم.
* قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: وهو كما قال؟ حديث صحيح ثابت.
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن أبي ذر، ولا نعلم له طريقاً عن أبي ذر غير هذا الطريق، ورواه عن داود غير واحد".
* وقد احتج به أحمد بن حنبل:
قال أبو داود في مسائله لأحمد (٤٣٧ و ٤٣٨): "سمعت أحمد وقيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال: يصلي مع الناس، وسمعته أيضاً يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته".
قلت لأحمد: الإمام يصلي التراويح بالناس وناس في المسجد يصلون لأنفسهم؟ فقال: لا يعجبني، يعجبني أن يصلوا مع الإمام، فقيل لأحمد، وأنا أسمع: يوتر الإمام بثلاث، أوتر أو أنصرف، فأوتر وحدي؟ قال: توتر معه، قيل: يضجون في القنوت؟ قال: أوتر معه، قيل لأحمد، وأنا أسمع: يؤخر القيام، يعني: التراويح إلى آخر الليل؟ قال: لا، سنة المسلمين أحب إليَّ.
وكان أحمد يقوم مع الناس حتى يوتر معهم ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام، شهدته شهر رمضان كله يوتر مع إمامه إلا أرى ليلة لم أحضر" [وانظر: مسائل ابن هانئ (٥٠٣)]. وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (٣٨٤): "قلت: الصلاة في الجماعة أحب إليك أم يصلي وحده في قيام شهر رمضان؟ قال: يعجبني أن يصلي في الجماعة؛ يحيي السُّنَّة، قال إسحاق: أجاد، كما قال".
وقال أبو بكر الأثرم: "كان أحمد بن حنبل يصلي مع الناس التراويح كلها - يعني: الأشفاع إلى آخرها - ويوتر معهم، ويحتج بحديث أبي ذر، قال أحمد بن حنبل: كان جابر وعلي وعبد الله يصلونها في جماعة" [التمهيد (٨/ ١١٨)].
وقال ابن خزيمة (٣/ ٣٤٠) (٣/ ٧٤ - ط التأصيل): "وبعض أصحابه - صلى الله عليه وسلم - ممن قد