فهو حديث غريب؛ لتفرد هذا الكوفي به عن أهل المدينة.
ب - وروى جماعة، عن الحارث بن وجيه الراسبي، قال: ثنا مالك بن دينار، عن أنس بن مالك؛ أن هذه الآية نزلت في رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/ ٢٣٨ / ٢٨٢٢٥)، وابن عدي في الكامل (٢/ ١٩٢)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (٧/ ٣٣٠).
قال ابن عدي: "وهذان الحديثان بأسانيدهما عن مالك بن دينار، لا يحدث [بهما] عن مالك غير الحارث بن وجيه، وللحارث بن وجيه غير ما ذكرت من الروايات شيء يسير، ولا أعلم له رواية إلا عن مالك بن دينار".
قلت: وهذا حديث منكر، تفرد به الحارث بن وجيه، عن مالك بن دينار، والحارث بن وجيه هذا: ضعيف، قليل الحديث، ما له شيخ سوى مالك بن دينار، وقد خولف في إسناده، فقد ثبت مقطوعًا من قول سالم بن عبد الله بن عمر.
قال أبو زرعة في العلل (٥١٤): "هذا يروى: مالك بن دينار عن سالم".
قلت: وهو كما قال؛ فقد رواه أبو جفص الصيرفي [عمرو بن علي الفلاس: ثقة حافظ، إمام]: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد [العمي البصري: ثقة حافظ]: حدثنا مالك بن دينار: سالمت سالم بن عبد الله، عن النوم قبل العشاء؛ فانتهرني، وقال: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)}، قال: ما بين المغرب والعشاء يصلون.
أخرجه ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (٣٠٦).
والمعروف في هذا عن أنس؛ أنه فسر الآية بحكاية حال الصحابة - رضي الله عنه -، وما كان يراه منهم، وهو أنهم كانوا يصلون ما بين المغرب والعشاء، ولا يثبت عنه القول بنزول الآية في الصلاة ما بين المغرب والعشاء، والله أعلم.
• وقد روي عن أنس من وجوه أخرى ظاهرة الضعف؛ منها: ما أخرجه البخاري في التاربخ الكبير (٢/ ٣٤٤)، وعبد الرزاق (١/ ٥٦٣/ ٢١٣٨)، وابن جرير الطبري في تفسيره (١٠/ ٢٣٩/ ٢٨٢٢٧)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (٧/ ٣٣١).
• وقد روي معناه عن أنس مرفوعًا من وجه آخر:
رواه منصور بن سقير: أنبا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس، في قوله: {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ} [المزمل: ٦]، قال: ما بين المغرب والعشاء، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ما بين المغرب والعشاء.
أخرجه ابن نصر في قيام الليل (٨٦ - مختصره)، والبيهقي (٣/ ٢٠).
وهذا رفعه منكر؛ منصور بن سقير: ضعيف، وهذا من أوهامه.
• فقد خالفه فأوقفه من فعل أنس:
عبد الله بن المبارك [ثقة حجة، حافظ إمام]، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي [ثقة]: