قبل إتمامها، "كل هذه القرائن تجعل النفس لا تطمئن لثبوت حديث معاوية بن حديج".
* والحاصل: فإنه لا يثبت في قصة سهو النبي - صلى الله عليه وسلم - وسلامه قبل إتمام الصلاة، من ركعتين أو من ثلاث، سوى حديث أبي هريرة، وحديث عمران بن حصين، والله أعلم.
° وقد اختلف أهل العلم في قصة ذي اليدين؛ أهي واقعة واحدة، اختلف الصحابة في روايتها، أم هي وقائع مختلفة؟
فذهب طائفة من أهل العلم إلى أنها واقعة واحدة، وخالفهم آخرون، فقالوا: بل هي وقائع متعددة، وهو الصواب، وقد قال بالأول جماعة، وممن قال بالثاني:
قال ابن رجب في الفتح (٦/ ٤٦١): "وقال طائفة: هما رجلان، وواقعتان متعددتان، ونص على ذلك الإمام أحمد".
وقال أيضًا (٦/ ٤٧١): "وقد نص أحمد على أنهما حديثان، وليسا بقصة واحدة، نقله عنه علي بن سعيد".
وقال ابن خزيمة (٢/ ١٢٨) بعد حديث معاوية بن حديج [وهو حديث لا يثبت]: "هذه القصة غير قصة ذي اليدين؛ لأن المعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سها في هذه القصة طلحة بن عبيد الله، ومخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك القصة ذو اليدين، والسهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذو اليدين إنما كان في الظهر أو العصر، وفي هذه القصة إنما كان السهو في المغرب؛ لا في الظهر ولا في العصر، وقصة عمران بن حصين قصة الخرباق: قصة ثالثة؛ لأن التسليم في خبر عمران من الركعة الثالثة، وفي قصة ذي اليدين من الركعتين، وفي خبر عمران دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - حجرته ثم خرج من الحجرة، وفي خبر أبى هريرة قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خشبة معروضة في المسجد، فكل هذه أدلة أن هذه القصص هي ثلاث قصص، سها النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة فسلم من الركعتين، وسها مرة أخرى فسلم في ثلاث ركعات، وسها مرة ثالثة فسلم في الركعتين من المغرب، فتكلم في المرات الثلاث ثم أتم صلاته".
وقال ابن حبان في الصحيح (٦/ ٣٩٧): "هذه الأخبار الثلاثة قد توهم غير المتبحر في صناعة العلم أنها متضادة؛ لأن في خبر أبى هريرة أن ذا اليدين هو الذي أعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وفي خبر عمران بن حصين أن الخرباق قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وفي خبر معاوية بن حديج أن طلحة بن عبيد الله قال له ذلك، وليس بين هذه الأحاديث تضاد ولا تهاتر، وذلك أن خبر ذي اليدين: سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الركعتين من صلاة الظهر أو العصر، وخبر عمران بن حصين: أنه سلم من الركعة الثالثة من صلاة الظهر أو العصر، وخبر معاوية بن حديج: أنه سلم من الركعتين من صلاة المغرب، فدل مما وصفنا على أنها ثلاثة أحوال متباينة في ثلاث صلوات؛ لا في صلاة واحدة"، وفرق في الثقات (٣/ ١١٤) بين الخرباق وذي اليدين.
وقال ابن حجر في النكت على ابن الصلاح (٢/ ٧٩٢): "فإن هذه الأحاديث الثلاثة: ليس الواقعة واحدة؛ بل سياقها يشعر بتعددها، وقد غلط بعضهم فجعل حديث أبى هريرة