للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: ليس قولُ النَّخَعيِّ هذا بشيءٍ؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُخلِّفْ ما يُوصِي فيه؛ لأنَّه مَخصُوصٌ بأن يكونَ كلُّ ما يترُكُه صدقةً.

قال (١): وحدَّثنا إسماعيلُ، قال: سمِعتُ عبدَ الله بنَ عونٍ يقولُ: إنَّما الوَصِيةُ بمنزِلَةِ الصدقةِ، فأحَبُّ إليَّ إذا كان المُوصَى له غَنيًّا عنها أن يَدَعَها.

وأمَّا قولُ سعدٍ في الحديثِ: "وأنا ذو مالٍ" ففيه دليلٌ على أنَّه لو لم يكنْ ذا مالٍ ما أذِن له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الوَصيَّةِ، واللهُ أعلمُ، ألا تَرى إلى قولِه - صلى الله عليه وسلم -: "لأنْ تَذَرَ وَرَثَتَك أغنياءَ خيرٌ مِن أن تَذَرَهم عَالةً يتكَفَّفُون الناسَ"؟ وقد منَع عليُّ بنُ أبي طالبِ أو ابنُ عمرَ مَوْلًى لهم مِن أنْ يُوصيَ، وكان له سبعُ مئةِ دِرْهَم، وقال: إنَّما قال اللهُ: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠] وليس لك كبيرُ مالٍ (٢).

وروَى ابنُ جُرَيْج، عن ابنِ طاووسٍ، عن أبيه، قال: لا يجوزُ لمن كان ورَثَتُه كثيرًا ومالُه قليلًا أن يُوصِيَ بثُلثِ مالِه. قال: وسُئِل ابنُ عباسٍ عن ثمانِ مئةِ دِرْهَم، فقال: قليلٌ (٣).

وسُئِلَتْ عائشةُ عن رجلٍ له أربعُ مئةِ دينارٍ، وله عِدَّةٌ مِن الولدِ، فقالت: ما في هذا فَضْلٌ عن ولدِه (٤).


(١) في المصنَّف ٩/ ٥٧ (١٦٣٣١). إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُليَّة.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١٦٨، وفي المصنَّف ٩/ ٦٢ (١٦٣٥١)، ومن طريقه ابن جرير الطبري في تفسيره ٣/ ٣٩٥، عن معمر بن راشد، عن هشام بن عروة بن الزبير، عن أبيه، قال: دخل عليٌّ على مولى لهم؛ فذكراه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٩٨ - ٢٩٩ (١٥٩٩) من طريق عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، به. وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٩/ ٦٣ (١٦٣٥٣) عن عبد الملك بن جريج، به. وابن طاووس: هو عبد الله.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٩/ ٦٣ (١٦٣٥٤) عن سفيان الثوريّ، عن منصور بن صفيّة، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، أن عائشة رضي الله عنها سُئلت؛ فذكره، ورجال إسناده ثقات إلّا أنه منقطع، فإنّ عبد الله بن عبيد بن عمير، أبا هاشم المكّي لم يدرك عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>