للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الذي نزَع به ليسَ بحُجَّةٍ في تَسْمِيتِه ذلك سُنَّة. وقد رُويَ عن أبي بكر الصِّدِّيقِ أنَّه كان يُفَضِّلُ الوصِيَّة بالخُمُسِ، وبذلك أوْصَى، وقال: رَضِيتُ لنفسي بما رضِيَ اللهُ لنفسِه (١)، كأنَّه يَعْني خُمسَ المغانم (٢).

واسْتَحَبَّ جماعةٌ الوصيّةَ بالثُّلثِ، واحتَجُّوا بحديثٍ ضعيفٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "جعَل اللهُ لكم في الوصيةِ ثُلُثَ أموالِكم، زيادةً في أعمالِكم". وهو حديثٌ انفَرَد به طلحةُ بنُ عمرٍو، عن عطاءٍ، عن أبي هريرةَ، وطلحةُ ضعيفٌ، روَى عنه هذا الخبَرَ وكِيعٌ، وابنُ وَهْبٍ، وغيرُهما (٣)، ولا خلافَ بينَ علماءِ المسلمين أنَّ الوصيةَ بأكثرَ مِن الثُّلثِ لا تجوزُ، على حسَب ما قدَّمْنا ذكرَه.

وقد روى مَعمَرٌ، عن أيوبَ، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، قال: الثُّلثُ وسَط، لا بَخْسٌ (٤) ولا شطَط (٥).


(١) سيأتي تخريجه بعد قليل.
(٢) في ف ٢، م: "الغنائم".
(٣) أخرجه ابن ماجة (٢٧٠٩) من طريق وكيع بن الجراح، والبزار في مسنده ١٦/ ١٩١ (٩٣١٦) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، وسحنون بن حبيب التنوخي في المدوّنة ٤/ ٣٢٣، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٨٠ (٧٣٨٠)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٢٦٩ (١٢٩٤٧)، والخطيب البغدادي في تاريخ مدينة السلام ٢/ ٢٠٧ من طريق عبد الله بن وهب المصري، ثلاثتهم وكيع وأبو نُعيم وابن وهب عن طلحة بن عمرو المكِّي، به.
قال البزّار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - إلا طلحة بن عمرو - وهو الحضرمي المكّي - وعقبةُ بن عبد الله الأصم وجميعًا، فغير حافظين، وإن كان قد روى عنهما جماعةٌ فليسا بالقويَّيْنِ".
(٤) في م: "لا غبن فيه"، والمثبت من النسخ، وهو الذي في مصنَّف عبد الرزاق.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٩/ ٦٧ (١٦٣٦٧) عن معمر بن راشد، به. ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط ٨/ ٣٨ (٧٠٣٥). وإسناده صحيح. أيوب: هو السَّختياني ونافع: هو مولى عبد الله بن عمر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>