للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا يُقْدَحُ فِيهِ بِأَنَّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ خَيْرِ بْنُ يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، وَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ قَالَ: لَمْ يَحْتَجْ بِعَبْدِ خَيْرٍ الْمَذْكُورِ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، اهـ ; لِأَنَّ عَبْدَ خَيْرٍ الْمَذْكُورِ، ثِقَةٌ مُخَضْرَمٌ مَشْهُورٌ، قِيلَ إِنَّهُ صَحَابِيٌّ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُخَضْرَمٌ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَالْعِجْلِيُّ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي «التَّقْرِيبِ» : مُخَضْرَمٌ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ لَهُ صُحْبَةٌ.

وَأَمَّا كَوْنُ الشَّيْخَيْنِ لَمْ يُخَرِّجَا لَهُ، فَهَذَا لَيْسَ بِقَادِحٍ فِيهِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَكَمْ مِنْ ثِقَةٍ عَدْلٍ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الشَّيْخَانِ!

وَذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَسْحُ أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْ أَعْلَاهُ، وَأَنَّ مَسْحَ أَسْفَلِهِ مُسْتَحَبٌّ.

وَذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ مَعًا، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْلَاهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَلَمْ يُعِدْ أَبَدًا، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى أَسْفَلِهِ أَعَادَ أَبَدًا.

وَعَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ مَسْحَ أَعْلَاهُ وَاجِبٌ، وَمَسْحُ أَسْفَلِهِ مَنْدُوبٌ.

وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِمَسْحِ كُلٍّ مِنْ ظَاهِرِ الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ، بِمَا رَوَاهُ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ وَرَّادٍ، كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ» ، أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَابْنُ الْجَارُودِ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مَعْلُولٌ، لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ ثَوْرٍ غَيْرُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَمُحَمَّدًا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ.

وَقَدِ احْتَجَّ مَالِكٌ لِمَسْحِ أَسْفَلِ الْخُفِّ بِفِعْلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ لِلْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، وَأَنَّ مَنْ لَبِسَهُمَا مُحْدِثًا، أَوْ بَعْدَ تَيَمُّمٍ، لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا.

وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِرَاطِ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، كَمَنْ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فَأَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَأَدْخَلَهَا أَيْضًا فِي الْخُفِّ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>