للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَجِبُ اتِّصَالُهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَعْنَى الدَّالِّ عَلَيْهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (عَادَةً) فَلَا يَضُرُّ انْفِصَالُهُ بِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ (إلَى شَهْرٍ وَقِيلَ سَنَةً وَقِيلَ أَبَدًا) رِوَايَاتٌ عَنْهُ (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ (إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ (فِي الْمَجْلِسِ وَ) عَنْ (مُجَاهِدٍ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ إلَى (سَنَتَيْنِ وَقِيلَ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ (مَا لَمْ يَأْخُذْ فِي كَلَامٍ آخَرَ وَقِيلَ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ (بِشَرْطِ أَنْ يُنْوَى فِي الْكَلَامِ) لِأَنَّهُ مُرَادٌ أَوَّلًا (وَقِيلَ) يَجُوزُ انْفِصَالُهُ (فِي كَلَامِ اللَّهِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ مُرَادٌ لَهُ أَوَّلًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية العطار]

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ إنَّ ابْنَ مَالِكٍ رَدَّ عَلَى مَنْ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ وَأَنَّ التَّحْقِيقَ فِيهِ أَنَّ الْإِسْنَادَ إنْ صَدَرَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْقَائِلِ زَيْدٌ وَالْقَائِلِ قَائِمٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ ذَكَرَ بَعْضَهُ وَحَذَفَ الْآخَرَ لِقَرِينَةِ تَكَلُّمِ الْآخَرِ وَالْحَذْفُ لِلْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ فِي الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ وَفِي الْفِعْلِ وَمَرْفُوعِهِ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا قَصْدٌ وَلَا إسْنَادٌ فَلَا كَلَامَ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا اهـ.

فَتَأَمَّلْ فِيهِ فَإِنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ رُبَّمَا اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَاطِقَيْنِ بَلْ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ فَمَعْنَى رَدِّ ابْنِ مَالِكٍ عَلَى مَنْ اشْتَرَطَهُ أَنَّ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطَ مِنْ اللَّغْوِ

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ اتِّصَالُهُ) أَيْ فِي الزَّمَانِ بِالنِّسْبَةِ لِصَاحِبِ الْكَلَامِ فِي إثْبَاتِهِ بِهِ وَأَمَّا اتِّصَالُهُ فِي الزَّمَانِ بِاعْتِبَارِ وُصُولِهِ إلَى غَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيُعْتَبَرُ مُخَصِّصًا إلَّا إذْ كَانَ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ: بِتَنَفُّسٍ أَوْ سُعَالٍ) وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْخَفِيفِ عُرْفًا كَمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ وَكَذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِي شَرْحِ الْأَلْفِيَّةِ لِلْبِرْمَاوِيِّ وَكَذَا إذَا أَطَالَ الْكَلَامَ مُتَعَلِّقًا بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ اهـ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّمْهِيدِ إنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ التَّخْصِيصُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَذَلِكَ فِي فُرُوعٍ عَنْهُ لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى بَعْضَهُنَّ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ دَلِيلُنَا أَنَّهُ فَصْلٌ يَسِيرٌ فَلَمْ يُؤَثِّرْ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ يَا فُلَانُ إلَّا مِائَةً.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُحْكَمَ بِطَلَاقٍ قَطُّ وَلَا بِإِقْرَارٍ وَلَا يُعْرَفُ الصِّدْقُ مِنْ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَى وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ حَلَفَ يَمِينًا فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَلَمْ يَقُلْ فَلْيَسْتَثْنِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ وَالْوَجْهُ تَكْذِيبُ النَّاقِلِ فَلَا يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ اهـ.

فَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ هُنَا مِنْ مُتَأَخِّرِينَ مَذْهَبُنَا مُعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْلِيدُ رِوَايَاتِهِ فِي الْأَيْمَانِ وَالتَّعَالِيقِ وَغَيْرِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَجُوزُ تَعْلِيمُهَا لِلْعَوَامِّ وَلَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِهَا مِمَّا لَا يَنْبَلِجُ لَهُ الصَّدْرُ خُصُوصًا فِي الطَّلَاقِ لِمَزِيدِ الِاحْتِيَاطِ فِي الْأَنْكِحَةِ، وَاضْطِرَابُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ يَقْضِي بِعَدَمِ تَحْرِيرِ النَّقْلِ وَإِنْ فُرِضَ صِحَّتُهُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إلَى شَهْرٍ) أَيْ هِلَالِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ سَنَةً) يَجُوزُ نَصْبُهُ لِمُنَاسَبَةِ مَا بَعْدَهُ وَيَجُوزُ زَجَّرَهُ لِمُنَاسَبَةِ مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْخُذْ فِي كَلَامٍ آخَرَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ) أَيْ: يَنْوِيَ أَوَّلًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ النِّيَّةُ لَا بُدَّ مِنْهَا عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ فَلَا تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ فَإِنَّ النِّيَّةَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ أَوَّلًا وَبِهَذَا رُدَّ قَوْلُ ابْنِ يَعْقُوبَ إنَّ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ مُرَادٌ أَوَّلًا قَرِيبٌ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَفِي شَرْحِ الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الذَّاهِبِينَ إلَى اشْتِرَاطِ اتِّصَالِهِ فَلَوْ لَمْ تَعْرِضْ لَهُ نِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ ثُمَّ قِيلَ يُعْتَبَرُ وُجُودُ النِّيَّةِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَقِيلَ يُكْتَفَى بِوُجُودِهَا قَبْلَ فَرَاغِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجُوزُ فِي كَلَامِ اللَّهِ) أَيْ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِرْمَاوِيُّ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ خِلَافَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَجُوزَ تَرَاخِيهِ فِي الْقُرْآنِ دُونَ غَيْرِهِ وَضَعُفَ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ أُرِيدَ بِهِ الْقَدِيمُ فَلَا يُوصَفُ بِإِخْرَاجٍ وَلَا بِإِدْخَالٍ وَلَوْ أَرَادَ اللَّفْظَ الْمُنَزَّلَ وَلَوْ إلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>