(وَيُتَمَسَّكُ بِالْعَامِّ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصِّصِ) اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ (وَكَذَا بَعْدَ الْوَفَاةِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ) وَمَنْ تَبِعَهُ فِي قَوْلِهِ لَا يُتَمَسَّكُ بِهِ قَبْلَ الْبَحْثِ لِاحْتِمَالِ الْمُخَصِّصِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ مُنْتَفٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْعَامِّ إذْ ذَاكَ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ فِيمَا وَرَدَ لِأَجْلِهِ مِنْ الْوَقَائِعِ وَهُوَ قَطْعِيُّ الدُّخُولِ لَكِنَّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا سَيَأْتِي وَمَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ مَدْفُوعٌ بِحِكَايَةِ الْأُسْتَاذِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ الْخِلَافَ فِيهِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ وَمَالَ إلَى التَّمَسُّكِ قَبْلَ الْبَحْثِ وَاخْتَارَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ الرَّازِيّ وَاخْتَصَرَ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي النَّقْلِ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَلَى الْمُخَصِّصِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَوْ اقْتَضَى الْعَامُّ عَمَلًا مُؤَقَّتًا وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْبَحْثِ هَلْ يُعْمَلُ بِالْعُمُومِ احْتِيَاطًا أَوْ لَا خِلَافٌ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَذَكَرَهُ هُنَا أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَثَالِثُهَا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ ثُمَّ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ خِلَافًا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (ثُمَّ يَكْفِي فِي الْبَحْثِ) عَلَى قَوْلِ ابْنُ سُرَيْجٍ (الظَّنُّ) بِأَنْ لَا مُخَصِّصَ (خِلَافًا لِلْقَاضِي) أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ فِي قَوْلِهِ
ــ
[حاشية العطار]
(قَوْلُهُ: وَيُتَمَسَّكُ بِالْعَامِّ) أَيْ يُعْمَلُ بِهِ وُجُوبًا أَوْ جَوَازًا بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ حَتَّى لَوْ وَرَدَ الْعَامُّ عَلَى سَبَبٍ مُخَصَّصٍ عُمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ السَّبَبِ دَاخِلَةٌ قَطْعًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ وَرَدَ لِأَجْلِهَا فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا مِنْ الْعَامِّ أَوْ ظَنًّا عِنْدَ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيًّا يُحْتَمَلُ النَّسْخُ وَيُحْتَمَلُ التَّخْصِيصُ حَتَّى بِإِخْرَاجِ صُورَةِ السَّبَبِ فَيَكُونُ ظَنًّا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الْمُسْتَصْحَبَ.
(قَوْلُهُ: بِحَسَبِ الْوَاقِعِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا وَرَدَ لِأَجْلِهِ مِنْ الْوَقَائِعِ.
(قَوْلُهُ: إذْ ذَاكَ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ ثَابِتٌ وَقَوْلُهُ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ نَعْتٌ لِلتَّمَسُّكِ أَيْ الْآتِي بِحَسَبِ الْوَاقِعِ أَيْ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ لَا اعْتِبَارِ الْوَضْعِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ عَائِدٌ إلَى مَأْثَمَ لَا يَخْفَى أَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ التَّمَسُّكَ بِالْعَامِّ فِيمَا وَرَدَ لِأَجْلِهِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ التَّمَسُّكِ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ الْوَقَائِعِ فِي حَيَاتِهِ وَدُونَ التَّمَسُّكِ بِمَا وَرَدَ لَا عَلَى وَاقِعَةٍ فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حِكَايَةِ الْخِلَافِ جَرَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّمَسُّكُ بِالْعَامِّ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ أَيْ فَهُوَ الْمُخَالِفُ لِابْنِ سُرَيْجٍ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّ حِكَايَةَ الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ أَيْ كَالْغَزَالِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ مَدْفُوعٌ بِحِكَايَةِ الْأُسْتَاذِ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الْخِلَافَ فِيهِ يُقَالُ عَلَيْهِ إنَّهُمَا إنَّمَا حَكَيَاهُ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ وَمَنْ حَكَى الِاتِّفَاقَ لَمْ يَعْتَدَّ بِقَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ وَهَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ مَبَاحِثِ الْعُقَلَاءِ وَمُضْطَرِبِ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا هُوَ قَوْلٌ صَدَرَ عَنْ غَبَاوَةٍ وَاسْتِمْرَارٍ فِي عِنَادٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا النَّقْلَ عَنْ الْبُرْهَانِ سَابِقًا فَقَوْلُ الْبِرْمَاوِيِّ فِي شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ إنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ مَالَ إلَى قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ فِي التَّمَسُّكِ بِالْعَامِّ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنْ الْمُخَصَّصِ سَهْوٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى وُجُوبِ اعْتِقَادِ الْعُمُومِ) أَيْ وَلَمْ يَنْقُلُوا عَنْهُ الْقَوْلَ بِالتَّمَسُّكِ فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ الصَّيْرَفِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ هُنَا) أَيْ فِي نُسْخَةٍ رَجَعَ عَنْهَا بَعْدَ قَوْلِهِ خِلَافًا لِابْنِ سُرَيْجٍ بِقَوْلِهِ وَثَالِثُهَا إلَخْ فَالثَّانِي الْمَطْوِيُّ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ