فِي أَنَّهُ حِينَئِذٍ حَقِيقَةٌ مِنْ أَنَّ الْعُمُومَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَقَطْ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ بِهِ غَيْرُ مَا ظَهَرَ فَيُشَكُّ فِي الْبَاقِي (وَقِيلَ) هُوَ حُجَّةٌ فِي الْبَاقِي (إنْ أَنْبَأَ عَنْهُ الْعُمُومُ) ، نَحْوُ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] فَإِنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْحَرْبِيِّ لِتَبَادُرِ الذِّهْنِ إلَيْهِ كَالذِّمِّيِّ الْمُخْرَجِ بِخِلَافِ مَا لَا يُنْبِئُ عَنْهُ الْعُمُومُ، نَحْوُ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] فَإِنَّهُ لَا يُنْبِئُ عَنْ السَّارِقِ لِقَدْرِ رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا عَنْ حِرْزٍ مِثْلِهِ كَمَا لَا يُنْبِئُ عَنْ السَّارِقِ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْمُخْرَجِ إذْ لَا يُعْرَفُ خُصُوصُ هَذَا التَّفْصِيلِ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ فَالْبَاقِي فِي نَحْوِ ذَلِكَ يُشَكُّ فِيهِ بِاحْتِمَالِ اعْتِبَارِ قَيْدٍ آخَرَ (وَقِيلَ) هُوَ حُجَّةٌ (فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ) ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ قَدْ تَقَدَّمَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ إلَى أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ مُطْلَقًا
(وَقِيلَ غَيْرُ حُجَّةٍ مُطْلَقًا) لِأَنَّهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ بِغَيْرِ مَا ظَهَرَ يُشَكُّ فِيمَا يُرَادُ مِنْهُ فَلَا يَتَبَيَّنُ إلَّا بِقَرِينَةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْخِلَافُ إنْ لَمْ نَقُلْ إنَّهُ حَقِيقَةٌ فَإِنْ قُلْنَا ذَلِكَ اُحْتُجَّ بِهِ جَزْمًا
ــ
[حاشية العطار]
هَلْ هُوَ مِنْ الْمُخْرَجِ أَمْ لَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ وَيُعْمَلُ بِهِ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى فَرْدٌ اهـ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ تَرْجِيحُهُ هُوَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِ مِنْ أَنْ الْمُخَصَّصَ بِمُعَيَّنٍ حُجَّةٌ وَالْمُخَصَّصَ بِمُبْهَمٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مَا قُصِدَ مِنْهُ بِالتَّخْصِيصِ فَمَا مِنْ فَرْدٍ إلَّا وَهُوَ مُحْتَمَلُ الْإِرَادَةِ فَصَارَ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ بِمَا ذُكِرَ مُجْمَلًا فَلَا يُسْتَدَلُّ بِهِ وَعَلَى هَذَا مَشَى الْبِرْمَاوِيُّ فِي النُّبْذَةِ وَالْأَلْفِيَّةِ وَشَرْحِهَا اهـ. مِنْ الْكَمَالِ.
(قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا اُخْتُصَّ بِمُتَّصِلٍ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ خَالِدٍ فَإِنْ خُصَّ بِمُنْفَصِلٍ كَالْحِسِّ وَالْعَقْلِ فَهُوَ مُجْمَلٌ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَامَّ الَّذِي خُصَّ بِمُنْفَصِلٍ، نَحْوُ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ لَيْسَ حُجَّةً فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ بِهَذَا الْمُنْفَصِلِ لِجَوَازِ أَنْ يُخَصَّ بِمُنْفَصِلٍ آخَرَ غَيْرَ هَذَا الْمُنْفَصِلِ الَّذِي ظَهَرَ وَهُوَ لَا تَقْتُلُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ وَالْعِبَارَةُ لَا تُفِيدُ الْمُرَادَ فَلَوْ قَالَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ بِغَيْرِ مَا ظَهَرَ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ الْعَائِدَ عَلَى الْمُنْفَصِلِ مُرَادٌ بِهِ جِنْسُ الْمُنْفَصِلِ لَا الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ أَيْ أُخْرِجَ بِمُنْفَصِلٍ آخَرَ غَيْرَ مَا أُخْرِجَ بِهَذَا الْمُنْفَصِلِ الْمَذْكُورِ أَوْ تُجْعَلَ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ وَضَمِيرُ بِهِ لِلْعَامِّ وَالْمَعْنَى يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُخْرِجَ مِنْ الْعَامِّ غَيْرُ مَا ظَهَرَ.
(قَوْلُهُ: فِي الْبَاقِي) قَدَّرَهُ لِيَعُودَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي أَنْبَأَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: يُنْبِئُ عَنْ الْحَرْبِيِّ) بِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا لِلْقِتَالِ وَالْمُحَارَبَةِ.
(قَوْلُهُ: كَالذِّمِّيِّ الْمُخْرَجِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْإِنْبَاءِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَشَدَّ أَوْ الْمَعْنَى كَمَا يُنْبِئُ عَنْ الذِّمِّيِّ مِنْ حَيْثُ إخْرَاجُهُ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَالْبَاقِي فِي نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ وَالسَّارِقَةُ مِمَّا لَا يُنْبِئُ الْعُمُومُ فِيهِ عَنْ الْبَاقِي بَعْدَ التَّخْصِيصِ يُشَكُّ فِيهِ أَيْ فِي ذَلِكَ الْبَاقِي بَلْ هُوَ بِجُمْلَتِهِ بَاقٍ عَلَى الْحُكْمِ قَبْلَ التَّخْصِيصِ أَوْ لَيْسَ بِجُمْلَتِهِ بَاقِيًا إذْ يُحْتَمَلُ عَقْلًا وُرُودُ مُخَصِّصٍ آخَرَ يُقَيِّدُ بِقَيْدٍ آخَرَ يَخْرُجُ بِهِ بَعْضٌ آخَرُ وَمَعَ هَذَا الشَّكِّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْعَامُّ حُجَّةً فِي الْبَاقِي اهـ. كَمَالٌ.
(قَوْلُهُ: قَيْدٍ آخَرَ) كَكَوْنِهِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ لِلسَّارِقِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ) أَيْ يُحْتَجُّ بِهِ عَنْ أَقَلِّ الْجَمْعِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ) فَلَا يَتَبَيَّنُ مَا يُرَادُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُّ جَمْعًا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يُشَكُّ الَّذِي هُوَ خَبَرٌ لِأَنَّ.
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَا ظَهَرَ) أَيْ مِنْ الْمُخَصَّصَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ) أَيْ ثَابِتٌ يَعْنِي أَنَّ الْخِلَافَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ مَجَازٌ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فَهُوَ حُجَّةٌ جَزْمًا وَهَذَا فِي الْمُخَصَّصِ بِمُعَيَّنٍ لَا فِي الْمُخَصَّصِ بِمُبْهَمٍ كَمَا فُهِمَ مِمَّا مَرَّ اهـ.
كَمَالٌ وَنَظَرَ فِيهِ سم بِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ نَفَى الْحُجَّةَ مُطْلَقًا مَوْجُودٌ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ حَقِيقَةً أَيْضًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ مِنْ بَحْثِهِ كَمَا يُفْهِمُهُ تَعْبِيرُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِقَوْلِهِ يُشْبِهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ مَجَازٌ وَإِنَّ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ احْتَجَّ بِهِ هُنَا لَا مَحَالَةَ