المسألة التاسعة والعشرون: إذا نسخ حكم الأصل فهل ينسخ
تبعا لذلك حكم الفرع؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه إذا نسخ حكم الأصل في القياس، فإن حكم
الفرع ينسخ تبعاً له مطلقاً، أي: سواء كان القياس قطعياً أو ظنياً،
وهو مذهب جمهور العلماء.
وهو الصحيح؛ لأن حكم الفرع قد ثبت بالعلَّة التي اعتبرت
لحكم الأصل، فإذا نسخ حكم الأصل فقد زال اعتبار أي عِلَّة لهذا
الحكم، ومتى زال اعتبار العلَّة فقد زال اعتبار الحكم الذي ثبت بها،
وبذلك يكون رفع حكم الأصل مستلزما لرفع حكم الفرع.
فمثلاً: قال - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي واقع أهله في نهار رمضان:
"اعتق رقبة"، فإن هذا يفيد أن المجامع في نهار رمضان عليه الكفارة،
وعلَّة ذلك: إفساد اليصوم المحترم - عند بعضهم - فألحق به الأكل
عمَداً في نهار رمضان، نظراً لوجود العِلَّة فيه، فالكفارة في الأكل
في نهار رمضان ثابتة بالقياس؛ بناء على تلك العلَّة، فإذا فرضنا أن
الشارع نسخ هذا الحديث وبنسخه ينسخ الحكمَ الذي اشتمل عليه
وهو: وجوب الكفارة في الجماع في نهار رمضان: فإن حكم الفرع
- وهو وجوب. الكفارة في الأكل - يرتفع تبعاً لذلك؛ لأن العلَّة
وهي: انتهاك حرمة رمضان قد زال اعتبارها بسبب رفع حكم الأصل
الذي استنبطت منه.
المذهب الثاني: أنه إذا نسخ حكم الأصل، فإن حكم الفرع
الثابت بعلته لا يرتفع، أي: لا يرتفع حكم الفرع بارتفاع حكم
الأصل.