للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشارع على تحريم بيع البر بالبر متفاضلاً، فقسنا عليه السفرجل لعلَّة

جمعت بينهما، وقلنا: لا يجوز بيع السفرجل بالسفرجل متفاضَلاً

قياسا على بيع البر بالبر، ثم نص - أيضاً - على إباحة التفاضل في

الموز، وكان مشتملاً على علَّة أقوى من العِلَّة التي في الأول، فإن

هذا يقتضي إلحالق السفرجلَ بالموز، ويكونَ بيع السفرجل بالسفرجل

جائزاً كالموز، فإن القياس هنا يكون ناسخا للقياس الأول.

وإنما حصرنا ناسخ القياس في قياس أقوى وأجلى منه؛ لأنه لا

ينسخ بنص ولا إجماع، ولا بقياس مساوي، ولا بقياس أخفى وأدنى

منه.

أما كونه لا ينسخ بالنص ولا بالإجماع؛ لأن شرط العمل

بالقياس: ألا يوجد ما يخالفه من نص أو إجماع، فإذا وجد ما

يخالفه من نص أو إجماع، فقد بطل العمل به، أي: زال القياس

بزوال شرطه.

أما كونه لا ينسخ بالقياس المساوي فلأن ذلك يؤدي إلى ترجيح

أحد المتساويين على الآخر بدون مرجح وهو باطل.

أما كونه لا ينسخ بالقياس الأخفى والأدنى منه، فلأن ذلك يؤدي

إلى العمل بالمرجوح وترك العمل بالراجح وهو باطل.

فثبت أن القياس ينسخ بالقياس الأقوى فقط.

وعلى ذلك فالقياس الأقوى والأجلى ناسخ للقياس الأضعف

والأخفى.

فيكون القياس ناسخاً ومنسوخا.