للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما علل القصاص وأنيط بما يلازم العمدية من الأعمال المخصوصة

التي يتحقق فيها العمدية، وهو القتل بأحد الآلات الجارحة،

فصارت العِلَّة: " القتل العمد العدوان ".

كذلك: المشقة قد تظهر أنها مناسبة لترتب الحكم - وهو الإفطار

في السفر - عليها تحصيلاً للمصلحة المقصودة وهي التخفيف، لكن

المشقة لما كانت غير منضبطة؛ حيث إنها تختلف باختلاف الأزمان

والأشخاص: تعذر جعلها عِلَّة الحكم، وجعل نفس السفر هو

العِلَّة؛ لأنه مظنتها.

وتسمى المناسبة بالإخالة؛ لأن بها يخال ويظن أن الوصف هو

العلَّة.

***

ثانياً: الدليل على أن المناسبة تفيد العلية:

الدليل يتكون من مقدمتين، ونتيجة، وإليك بيان ذلك:

المقدمة الأولى: أن الأحكام مشروعة لمصالح العباد.

المقدمة الثانية: أن هذا الحكم مشتمل على هذه الجهة من المصلحة.

النتيجة: أنه يغلب على الظن أنه إنما شرع الحكم الفلاني لأجل

تلك المصلحة.

وإليك الاستدلال على المقدمة الأولى، والثانية، والنتيجة فأقول:

أما المقدمة الأولى - وهي: أن الأحكام مشروعة لمصالح العباد -

فإنه قد دلَّ عليها ما يلي:

الدليل الأول: أن اللَّه تعالى حيم بإجماع المسلمين، ولا معنى

لحكمته إلا أنه لا يفعل شيئاً إلا وفيه مصلحة؛ لأن هذا شأن الحكيم.