وقد علم الآقوام أنَّك منهم ... بفعل النَّدى والبأس أولى وأليق
وأضرب بالبيض الصَّوارم في الوغى ... وأطعن بالسُّمر اللَّدان وأحذق
وكم معرك للموت جأشك رابطٌ ... به وبه هام الكماة تفلَّق
تشقُّ به بحرًا من الدَّم مزبدًا ... بجيش به آذيُّه المتدفِّق
على سابح نهد يريك نشاكه ... كأنهَّ به منه على الأين أولق
فكيف أراك الدَّهر منك مساءة ... ومازال منك الدَّهر يخشى ويفرق
لقد ساءني ما كان منه فأقبلت ... به عبرتي من لوعة تترقرق
ويسألني عن حالتي من لقيته ... فأذهل عن ردِّ الجواب وأطرق
ومادت به شمُّ الحبال مخافًة ... وكادت به روح المكارم تزهق
/٢٢٨ أ/ ولكنًّه ولَّى وأعقب صحَّة ... مجدَّدة ليست مدى الدًّهر تخلق
كما يكسف الشَّمس ساعة ... وعاد إليها نورها يتألَّق
فشكر لمن عافاك من كلِّ مؤلم ... ومن كلِّ مكروه يسوء ويقلق
وأبلغت عتبًا عنك أضرم ذكره ... حشاي بنار تستنير فتحرق
وما كان تركي الكتب إلاًّ لأنَّه ... تعذَّر عندي من إليك يشرَّق
وإلاَّ فمن يشتاق مثلي على النَّوى ... إليك ومن يحنو عليك ويشفق
ويبقى على مرِّ الجديدين دائمًا ... جديدًا له عهدٌ وثيقٌ وموثق
وجدت على قرب الدِّيار وبعدها ... كما جاد هطَّال من المزن مغدق
بقيت بقاء النَّيرات مخلَّدًا ... وأنوارها من نور وجهك تشرق
فللفضل والإفضال والبأس والنَّدى ... وللدين والدُّنيا ببقياك رونق
وأنشدني أيضًا من شعره: [من الخفيف]
يا غنّيًا عنِّي وما لي غنى عنـ ... ـه إلى كم يكون هذا الجفاء
قد رثى [لي] الحسَّاد من سوء حالي ... وبكى رحمة لي الأعداء
وقال أشعارًا كثيرة تفرقت وذهبت، كان ينفذها إلى معارفه واصدقائه.