((وقف على هذه المشرفة الكريمة، بعد أن قبلها ألفاً لا عشراً، ونثر عليها ثناءً لا تبرأ، وقابل ما ضمنته من الإنعام بالدعاء، وما حوته من الإيعار بالاحتذاء، وأما ما ذكره في معنى الكتابة، فأي كتابة ترضيه، وأي عبارة تزف إلى ناديه، وهل البلاغة إلَّا معنى من معانيه)).
[٤٤٣]
عليُّ بن أيبك بن عبد الله، أبو الحسن التركيُّ الأسديُّ.
كان والده يعرف بالجاولي الكبير، وكان مولى أسد الدين أبي الحارث شيركوه بن شاذي- صاحب حمص-.
وأبو الحسن كان مولده مصر وبها كان منشأة؛ وكان أثيراً مقدماً في خدمة الملك العادل سيف الدين بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي- رضي الله عنه- وبعده خدم لولده الملك الكامل ناصر الدين بن أبي المعالي محمد.
ثم فارق خدمته، وخدم مع الملك المنصور أبي المعالي محمد بن عمر بن شاهنشاه- صاحب حماة- ثم سافر في النجدة / ٢٥٩ ب/ إلى دمياط، فاجتمع بالملك المعظّم شرف الدين عيسى بن العادل، فاستماله بعد امتحانه ومنادمته له؛ فوعده الرحلة إليه، فلما عاد كل منهما إلى دمشق، خرج من حماة مهاجراً إلى الملك المعظّم مستخفياً من الملك المنصور بعد أن قدّم حريمه أمامه، وخرج في جملة مماليكه وحاشيته. وبلغ الملك المنصور خروجه فسَّير وراءه جيشاً عظيماً في مقدمته البراطسة، وراموا ردّه فما استطاعوا، وأعادهم إلى حماة منكسرين.
وقدم دمشق واتصل بمليكها الملك المعظم، ونال عنده المنزلة الرفيعة، والمقام الأسنى، ولم يزل في خدمته إلى أن توفي سنة تسع عشرة وستمائة.
وكان ذا شجاعة وفروسية، مقدامً شهماً فصيحاً شاعراً جواد البنان، جريء الجنان، مليح الخطّ، جيد المنظوم، حسن المنثور، عارفاً بدقائق الأمور، حسن المحاضرة، لذيذ المحاورة.
أنشدني الحسن بن محمد بن علي بن الحسين الحسيني العبيدلي؛ قال: أنشدني الأمير أبو الحسن لنفسه: [من الكامل]