وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين، {ذلِكُمُ} الحاكم بينكم هو {اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} في ردّ كيد أعداء الدين، {وَإِلَيْهِ} أرجع في كفاية شرهم.
وقيل:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ} فيه وتنازعتم {مِن شَيْءٍ} من الخصومات، فتحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تؤثروا على حكومته حكومته غيره، كقوله:{فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[النساء: ٥٩]. وقيل: وما اختلفتم فيه من تأويل آية، واشتبه عليكم، فارجعوا في بيانه إلى المحكم من كتاب الله، والظاهر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم التي لا تتصل بتكليفكم، ولا طريق لكم إلى علمه، فقولوا: الله أعلم، كمعرفة الروح، قال الله تعالى:{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء: ٨٥].
فإن قلت: هل يجوز حمله على اختلاف المجتهدين في أحكام الشريعة؟ قلت: لا، لأنّ الاجتهاد لا يجوز بحضرة الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله:(لأن الاجتهاد لا يجوز بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم): قيل: فيه بحث؛ لأن المختار جوازه، كما اجتهد أبو بكر رضي الله عنه بحضوره صلى الله عليه وسلم، وقال:"لا ها الله إذن، لا يعمد إلى أسد من أسد الله". وكما اجتهد سعد بن معاذ في بني قريظة، فحكم بقتل رجالهم، وسبي نسائهم وذراريهم، ومنه قول معاذ:"أجتهد رأيي".
قال الإمام: "كما منع الله رسوله صلوات الله عليه أن يحمل الكفار على الإيمان، كذلك منع المؤمنين أن يشرعوا معه في الخصومات والمنازعات، واحتج نفاة القياس به، فقالوا: إما أن