لما كان العظيم من الأشياء إذا عرفه الإنسان حق معرفته وقدره في نفسه حق تقديره؛ عظمه حق تعظيمه قيل:{ومَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. وقرئ بالتشديد على
قلت: دل عليه {أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} في قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللهِ تَامُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}، أي: السفهاء الخفاف الأحلام، كأنه تعالى حين سمع أن رهطا من قريش قالوا على نحو ما ورد في سورة الكافرون: يا محمد، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة. أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم بقوله:{أَفَغَيْرَ اللهِ تَامُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}، وحين سمعهم أيضًا يقولون: استلم بعض آلهتنا، كما نص عليه المصنف هنا، رده بقوله:{بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ}، يعني: لما سفهتهم في ذلك الرد خص ربك بالعبادة إن كنت عاقلا، واشكره حيث لم يجعلك من جنس ما هو أضل من الأنعام، وجعلك من أفضل الخلق وأشرفهم، بل رفع منزلتك عليهم، وجعلك سيد ولد آدم. فافهم هذه الرموز والتلويحات، وترحم على المصنف في إبرازه لتلك المحاسن.
قوله:(وجوز الفراء نصبه بفعل مضمر، والتقدير: بل الله أعبد فاعبد)، قال صاحب" التقريب": غرضه أن لا يتقدم على الفاء ما في حيزه.
قوله:(عظمه حق تعظيمه)، جواب "إذا"، وقوله:"قيل: {ومَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} " جواب "لما"، يعني: لما تعورف واشتهر بين الناس أن العظيم إذا عرف حق معرفته عظم حق تعظيمه، ولما لم يوجد ذلك في حق الملك العظيم ذي الملك والملكوت والجلال