بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى .... وصورتها أو أنت في العين أملح
والكلام مرتبط بقوله:{يَا عِبَادِيَ}، وهذا كله عند إنزال البأس، وحين لم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا، لقوله تعالى:{واتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَاتِيَكُمُ العَذَابُ} الآية، وأما يوم القيامة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، فترى من بين الأنفس الذين كذبوا على الله الكاملين في الكفر وجوههم مسودة، وإنما خصها بالذكر لما سبق أن الكلام وارد فيه، فينطبق على هذا قوله:{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ}، وقوله من قبل:{وَاسْتَكْبَرْتَ}، ثم ينجي الله الذين اتقوا من الشرك بفلاحهم من الإيمان، وبالتصديق في العاقبة على حسب مراتبهم وأعمالهم بفضله وكرمه من تسويد الوجوه ومن الثوي في جهنم؛ لأنهم ما كذبوا بآيات الله وما استكبروا وما كانوا من زمرة الكافرين.
وظهر أيضًا بهذا النظم السري أن قوله:"لا يبعد عنهم قوم يسفهونه بفعل القبائح، وتجويز أن يخلق خلقًا لا لغرض، ويؤلم لا لعوض، ويظلمونه بتكليف ما لا يطاق، ويجسمونه بكونه مرئيًا معاينًا" إلى آخره، بعيد عن المرام، وينبو عنه المقام.
وقال صاحب "الانتصاف": الزمخشري عدا طوره، فنقيم عليه حد الرد، أما نسبة أهل السنة إلى أنهم ينسبون القبائح إلى الله تعالى، فلم ينسبوا إليه قبيحًا، فإن التصرفات في الملك لا توصف بالقبح. وأما المعتزلة فيقولون: ليس خالق كل شيء، ويكذبون؛ لأن الأفعال شيء، لقوله بعيد هذا:{اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءِ}، ويقولون: الله يخلق لا لغرض، لأنه الفعال لما يشاء، وعندهم أنه تعالى ليس فعالًا لما يشاء، لأن الفعل إما منطو على مصلحة فيجب عليه فعله، أو مفسدة فيجب عليه تركه، فأين أثر المشيئة له؟ !
وأما اعتقاد تكليف ما لا يطاق تظليمًا؛ فباطل، لأنه من لازم خلق الله، ولازم الحق حق، وإنما الظلم التصرف في ملك الغير بغير إذنه.